وَالْبَاقُونَ (وَأَمَّا) قَوْلُ الرَّافِعِيِّ هَلْ يَنْزِلُ دُخُولُ الْحَرَمِ مَنْزِلَةَ دُخُولِ مَكَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ نَعَمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يَبْعُدُ تخريجه على خلاف في نظائره كأنه أرادا بِنَظَائِرِهِ إبَاحَةَ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ فَإِنَّهَا تُبَاحُ بِمَكَّةَ وَكَذَا فِي سَائِرِ الْحَرَمِ عَلَى الصَّحِيحِ فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَجَبٌ مِنْ وَجْهَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
كَوْنُهُ نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ عَنْ بَعْضِ الشُّرُوحِ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ صَرِيحَةٌ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَغَيْرِهَا
(وَالثَّانِي)
كَوْنُهُ قَالَ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى خِلَافٍ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ أَنَّ الْحَرَمَ كمكة بلا خلاف والله أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَجَمِيعُ الْأَصْحَابِ هُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُ مَكَّةَ لِلْقِتَالِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ قَالُوا وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَلْتَجِئَ إلَيْهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْكُفَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ الْبُغَاةِ أَوْ قُطَّاعِ
الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِمْ وَقَطَعَ الْأَصْحَابُ هُنَا بِجَوَازِ قِتَالِهِمْ وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ وَذَكَرَ الْقَفَّالُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ شَرْحِ التَّلْخِيصِ فِي كِتَابِ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ خِلَافًا فِي قِتَالِهِمْ فِي مَكَّةَ وَسَائِرِ الْحَرَمِ وَوَجْهُ التَّحْرِيمِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) (فَرْعٌ)
قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ هُنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُقَاتَلَ (قَدْ يُقَالُ) إنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَجَمِيعِ الْأَصْحَابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ صُلْحًا وَفَتَحَهَا صُلْحًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ فَتَحَهَا عَنْوَةً وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ وَهُنَاكَ ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ (وَالْجَوَابُ) أَنَّ هَذَا لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَالَحَ أَبَا سُفْيَانَ وَكَانَ لَا يَأْمَنُ غَدْرَ أَهْلِ مَكَّةَ فَدَخَلَ صُلْحًا وَهُوَ مُتَأَهِّبٌ لِلْقِتَالِ إنْ غَدَرُوا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute