أَصْلِيًّا فَيَعْنِي بِهِ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْمُرْتَدِّ وَيَدْخُلُ في الاصلى الذى وَالْحَرْبِيُّ سَوَاءٌ الْكِتَابِيُّ وَالْوَثَنِيُّ وَغَيْرُهُمَا
(وَقَوْلُهُ) مِنْ فُرُوعِ الْإِيمَانِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ فَيُنْتَقَضُ بِالْكَفَّارَةِ وَالْعِدَّةِ وَأَشْبَاهِهِمَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ رُكْنٌ مِنْ فُرُوعِ الْإِيمَانِ (وَقَوْلُهُ) وَلَا يُخَاطَبُ بِهِ فِي حَالِ الْكُفْرِ مَعْنَاهُ لَا نُطَالِبُهُ بفعل الصلاة فِي حَالِ الْكُفْرِ (وَأَمَّا) الْخِطَابُ الْحَقِيقِيُّ فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصِّيَامِ مِثْلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَبَسَطْنَا هُنَاكَ الْكَلَامَ فِيهَا (وَأَمَّا) قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُخَاطَبْ بِمَا فَاتَهُ فِي حَالِ الْكُفْرِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي حَالِ كفره واجدا للزاد والرحلة وَغَيْرِهِمَا مِنْ شُرُوطِ الِاسْتِطَاعَةِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا اعْتِبَارَ بِتِلْكَ الِاسْتِطَاعَةِ وَلَا يَسْتَقِرُّ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ بِهَا بَلْ يُعْتَبَرُ حَالُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ اسْتَطَاعَ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِلَّا فَلَا وَيَكُونُ إسْلَامُهُ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ الْمُسْلِمِ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بَعْدَهُ (وَقَوْلُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ وُجُوبَهُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَضَمَانِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ قَدْ يُقَالُ هَذَا الدَّلِيلُ نَاقِصٌ وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا فِي الْكَافِرِ وَالْحَرْبِيِّ (وَأَمَّا) الذِّمِّيُّ فَإِنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ حُقُوقٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ (وَجَوَابُهُ) أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ وَالذِّمِّيَّ لَمْ يَلْتَزِمَا الْحَجَّ فَلَمْ يَلْزَمْهُمَا إذَا أسلما كمالا يَلْزَمُ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا وَهُوَ الْحَرْبِيُّ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُ هَذَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَبَسَطْت هُنَاكَ بَيَانَهُ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ فِي الْمُرْتَدِّ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ وُجُوبَهُ فَقَدْ يُقَالُ يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَدُّ عَلَى مُسْلِمٍ شَيْئًا فِي حَالِ قِتَالِ الْإِمَامِ لِلطَّائِفَةِ الْمُرْتَدَّةِ الْعَاصِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَدِّ أَنَّهُ إذَا اسْتَطَاعَ فِي حَالِ الرِّدَّةِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ دَامَ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَمَّا) أَحْكَامُ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا يَجِبُ الْحَجُّ على مسلم بالغ عاقل حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ فَإِنْ اخْتَلَّ أَحَدُ الشُّرُوطِ لَمْ يَجِبْ بِلَا خِلَافٍ فَالْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ لَا يُطَالَبُ بِفِعْلِهِ فِي الدُّنْيَا بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ الْحَرْبِيُّ وَالذِّمِّيُّ وَالْكِتَابِيُّ وَالْوَثَنِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَإِذَا اسْتَطَاعَ فِي حَالِ كُفْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ إلَّا أَنْ يَسْتَطِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ فِي الْكُفْرِ لَا أَثَرَ لَهَا وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ (وَأَمَّا) الْمُرْتَدُّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ فَإِذَا اسْتَطَاعَ فِي رِدَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَالْحَجُّ مُسْتَقِرٌّ فِي ذِمَّتِهِ بِتِلْكَ الِاسْتِطَاعَةِ (وَأَمَّا) الْإِثْمُ بِتَرْكِ الْحَجِّ فَيَأْثَمُ الْمُرْتَدُّ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ (وَأَمَّا) الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ فَهَلْ يَأْثَمُ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيهِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالْفُرُوعِ أَمْ لَا (فَإِنْ قُلْنَا) بِالصَّحِيحِ إنَّهُ مُخَاطَبٌ أَثِمَ وَإِلَّا فَلَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute