للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُنَا لَا يُشْتَرَطُ إلَّا كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ خَاصَّةً وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ ذَلِكَ مُدَّةَ ذَهَابِ الْأَجِيرِ كَمَا لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ بِخِلَافِ مَنْ يَحُجُّ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ إذَا لم يفارق ولده أمكنه تحصيل نفقتهم ثُمَّ إنْ وَفَى مَا يَجِدُهُ بِأُجْرَةِ رَاكِبٍ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْحَجُّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفِ إلَّا بِأُجْرَةِ مَاشٍ فَفِي وُجُوبِ الِاسْتِئْجَارِ وَجْهَانِ

(أَحَدُهُمَا)

لَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ عَنْ الرَّاحِلَةِ (وَأَصَحُّهُمَا) يَجِبُ إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ الْأَجِيرِ بِخِلَافِ مَنْ يَحُجُّ بِنَفْسِهِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْأَجِيرُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَجِبُ الْحَجُّ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَجِيرِ بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ كَعَدَمِهِ كَمَا فِي نَظَائِرِ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ رَضِيَ الْأَجِيرُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَوَجَدَ الْمَعْضُوبُ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْحَجُّ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كَثِيرُ مِنَّةٍ وَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ بِشَرْطِهِ فَلَمْ يَسْتَأْجِرْ فَهَلْ يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ الحاكم لا متناعه أَمْ لَا فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَا لِأَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ الْقَادِرُ مِنْ تَعْجِيلِ الْحَجِّ (وَالثَّانِي) يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ كَمَا يُؤَدِّي زَكَاةَ الْمُمْتَنِعِ هَكَذَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إذَا لَزِمَهُ الْحَجُّ فَلَمْ يَحُجَّ حَتَّى صَارَ مَعْضُوبًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ يَبْقَى عَلَى التَّرَاخِي فِيهِ وَجْهَانِ إنْ قُلْنَا عَلَى الْفَوْرِ فَامْتَنَعَ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا (الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ) لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَعْضُوبِ أَنْ لَا يَجِدَ الْمَالَ لَكِنْ يَجِدُ مَنْ يُحَصِّلُ لَهُ الْحَجَّ وَلَهُ أَحْوَالٌ (أَحَدُهَا) أَنْ يَبْذُلَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِيَسْتَأْجِرَ بِهِ فَفِي وُجُوبِ قَبُولِهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْفَصْلِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ لَا يَلْزَمُهُ وَادَّعَى الْمُتَوَلِّي الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ (وَالثَّانِي) يَلْزَمُهُ وَيَسْتَقِرُّ بِهِ الْحَجُّ عَلَى هَذَا فِي ذِمَّتِهِ وَدَلِيلُهُمَا فِي الْكِتَابِ (الثَّانِي) أَنْ يَبْذُلَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِيهِ أَوْ بَنَاتِهِ أَوْ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا الْإِطَاعَةَ فِي الْحَجِّ عَنْهُ فَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْإِذْنُ لِلْمُطِيعِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي جَمِيع كُتُبِهِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ إلَّا السَّرَخْسِيَّ فَحَكَى فِي الْأَمَالِي وَجْهًا عَنْ حِكَايَةِ أَبِي طَاهِرِ الزِّيَادِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُطَاعَ الْحَجُّ بِذَلِكَ وَهَذَا غَلَطٌ وَالصَّوَابُ

اللُّزُومُ وَسَنُوَضِّحُ دَلِيلَهُ فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْحَجُّ وَاجِبًا عَلَى الْمُطَاعِ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُطِيعُ مِمَّنْ يَصِحُّ مِنْهُ فَرْضُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا (وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الْمُطِيعُ قَدْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَاجِبَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>