للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جُمْهُورِ العلماء

* وقال أحمد واسحاق يجزئه *

قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

* (وَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ أن يقدمه لقوله تعالى (فاستبقوا الخيرات) ولانه إذا أخره عرضه للفوات بحوادت الزمان ويجوز أن يؤخره من سنة إلى سنة لان فريضة الحج نزلت سنة ست وأخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج إلى سنة عشر من غير عذر فلو لم يجز التأخير لما أخره) (الشَّرْحُ) قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَدْ يُنْكَرُ فَيُقَالُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْتَحْ مَكَّةَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْحَجِّ إلَّا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنه لم يتمكن مِنْ حِينِ نَزَلَتْ فَرِيضَةُ الْحَجِّ وَهَذَا اعْتِرَاضٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمَكَّنَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَنَةَ تِسْعٍ وَتَمَكَّنَ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يَحُجَّ وَيَحُجُّوا إلَّا سَنَةَ عَشْرٍ وَلَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ أنه تمكن من سنة ست (أما) حكم الْفَصْلِ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ (إحْدَاهُمَا) الْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَجَبَ عليه الحج بنفسه أو بغيره تعجليه لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلِحَدِيثِ مِهْرَانَ بْنِ صَفْوَانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُعَجِّلْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ مِهْرَانَ وَمِهْرَانُ هَذَا مَجْهُولٌ قَالَ ابن أبي حاتم سئل أبوذرعة عَنْهُ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ (الثَّانِيَةُ) إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ وُجُوبِ الْحَجِّ وجب على التَّرَاخِي عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا الْمُزَنِيَّ فَقَالَ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ سَنَةِ الْإِمْكَانِ مَا لَمْ يَخْشَ الْعَضَبَ فَإِنْ خَشِيَهُ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ فِي كُتُبِ الْخُرَاسَانِيِّينَ حَكَاهُمَا إمَامُ الحرمين والبغوى والمتولي وصحاب العدة وآخرون قال الرَّافِعِيُّ (أَصَحُّهُمَا) لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ السَّلَامَةُ إلَى وَقْتِ فِعْلِهِ وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي مَسْأَلَتِنَا (وَالثَّانِي) يَجُوزُ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا يَتَغَيَّرُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيَجْرِي هَذَانِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ خَافَ أَنْ يَهْلِكَ مَالُهُ هَلْ لَهُ تَأْخِيرُ الْحَجِّ أَمْ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

<<  <  ج: ص:  >  >>