لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ وَقَدْ تَبَيَّنَّا أَنَّ مَالَهُ لَا يَبْقَى إلَى الرُّجُوعِ هَذَا حَيْثُ نَشْتَرِطُ أَنْ يَمْلِكَ نَفَقَةَ الرُّجُوعِ فَإِنْ لَمْ نَشْتَرِطْهَا اسْتَقَرَّ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ أُحْصِرُوا وَأَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مَعَهُمْ فَتَحَلَّلُوا لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ الْحَجُّ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا عَجْزَهُ وَعَدَمَ إمْكَانِ الْحَجِّ هَذِهِ السَّنَةِ فَلَوْ سَلَكُوا طَرِيقًا آخَرَ وَحَجُّوا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَكَذَا لَوْ حَجُّوا فِي السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَهَا إذَا عَاشَ وَبَقِيَ مَالُهُ (الثَّانِيَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الحج وأمكنه الاداء فمات يعد اسْتِقْرَارِهِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ تِرْكَتِهِ كَمَا سَبَقَ وَيَكُونُ قَضَاؤُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا إذَا لَمْ يُوصِ بِهِ فَإِنْ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالثُّلُثِ وَلَا بِرَأْسِ الْمَالِ فَهَلْ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ أَمْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَيْنُ آدَمِيٍّ وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْهُمَا فَفِيهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ (أَصَحُّهَا) يُقَدَّمُ الْحَجُّ (وَالثَّانِي) دَيْنُ الْآدَمِيِّ (وَالثَّالِثُ) يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ ذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ قَوْلًا غَرِيبًا لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُحَجُّ عَنْ الْمَيِّتِ الْحَجَّةَ الواجبة الا إذا أوصى حج عنه من الثلث وهذا
قولا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا وَسَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ فَلَوْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ بَقِيَ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ الْحَجُّ عَنْهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ فَإِنْ حَجَّ عَنْهُ الْوَارِثُ بِنَفْسِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْإِذْنِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ إذْنُهُ بِخِلَافِ الْمَعْضُوبِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ إذْنُهُ كَمَا سَبَقَ لِإِمْكَانِ أَدَائِهِ وَلَوْ حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ أَجْنَبِيٌّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَارِثُ كَمَا يَقْضِي دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَارِثِ وَيَبْرَأُ الْمَيِّتُ بِهِ (الثَّالِثَةُ) إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ وَاسْتَقَرَّ وُجُوبُهُ فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَحُجَّ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَهَلْ نَقُولُ مَاتَ عَاصِيًا فِيهِ أَوْجُهٌ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ الْخُرَاسَانِيِّينَ (أَصَحُّهَا) وَبِهِ قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَمُوتُ عَاصِيًا وَاتَّفَقَ الَّذِينَ ذَكَرُوا فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute