للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْأَفْعَالِ وَلَوْ يُسِّرُوا لِلتَّوْفِيقِ واغتنوا يحسن الْمَعْرِفَةِ لَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَدْفَعُوهُ قَالَ وَقَدْ أَنْعَمَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِبَيَانِ هَذَا فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ وَجَوَّدَ الْكَلَامَ فِيهِ وَفِي اقْتِصَاصِ كُلِّ مَا قَالَهُ تَطْوِيلٌ وَلَكِنَّ الْوَجِيزَ الْمُخْتَصَرَ مِنْ جَوَامِعِ مَا قَالَ أَنَّ مَعْلُومًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ جَوَازُ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى الْآمِرِ بِهِ لِجَوَازِ إضَافَتِهِ إلَى الْفَاعِلِ كَقَوْلِكَ بَنَى فُلَانٌ دَارًا إذَا أَمَرَ بِبِنَائِهَا وَضَرَبَ الْأَمِيرُ فُلَانًا إذَا أَمَرَ بِضَرْبِهِ وَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاعِزًا وَقَطَعَ سَارِقَ رِدَاءَ صَفْوَانَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ

* وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ وَكَانَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ الْقَارِنُ وَالْمُفْرِدُ وَالْمُتَمَتِّعُ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَأْخُذُ عَنْهُ أَمْرَ نُسُكِهِ وَيَصْدُرُ عَنْ تَعْلِيمِهِ فَجَازَ أَنْ تُضَافَ كُلُّهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ أَمَرَ بِهَا وَأَذِنَ فِيهَا قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ سَمِعَهُ يَقُولُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ فَحَكَى أَنَّهُ أَفْرَدَ وَخَفِيَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَعُمْرَةٍ فَلَمْ يَحْكِ إلَّا مَا سَمِعَ وَسَمِعَ أَنَسٌ وَغَيْرُهُ الزِّيَادَةَ وَهِيَ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَلَا يُنْكَرُ قَبُولُ الزِّيَادَةِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ التناقض لَوْ كَانَ الزَّائِدُ نَافِيًا لِقَوْلِ صَاحِبِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مُثْبِتًا لَهُ وَزَائِدًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ فَيَقُولُ لَهُ لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ عَلَى سَبِيلِ التَّلْقِينِ

* فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ فِيهَا تَكَاذُبٌ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا سَهْلٌ كَمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رَوَى جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إحْرَامًا مَوْقُوفًا وَخَرَجَ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَهُوَ عَلَى الصَّفَا فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَجْعَلَهُ عُمْرَةً وَأَمَرَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحُجَّ هَذَا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ عُلَمَاءَ وَغَيْرِهِمْ فَمِنْ مُجِيدٍ مُنْصِفٍ وَمِنْ مُقَصِّرٍ مُتَكَلِّفِ وَمِنْ دَخِيلٍ مُكْرَهٍ وَمِنْ مُقْتَصِرٍ مُخْتَصِرٍ وَأَوْسَعُهُمْ نَفَسًا فِي ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ الْحَنَفِيُّ وَإِنْ كَانَ تَكَلَّفَ فِي ذَلِكَ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أَلْفِ وَرَقَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ ثُمَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ بْنِ الْمُهَلِّبِ وَالْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُرَابِطِ وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ القصار البغدادي والحافظ أبو عمرو بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وأولي ما يقال في هذا علي ما لخصناه من كلامهم واخترناه من اختيار انهم مِمَّا هُوَ أَجْمَعُ لِلرِّوَايَاتِ وَأَشْبَهُ بِمَسَاقِ الْأَحَادِيثِ أن

<<  <  ج: ص:  >  >>