للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) أَيْ فَعَلَيْهَا وقَوْله تَعَالَى (أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ) أَيْ عَلَيْهِمْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى (فَمَنْ تَمَتَّعَ) شرط وقوله تعالى (فما استيسر من الهدى) جَزَاءُ الشَّرْطِ وقَوْله تَعَالَى (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المسجد) بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ عَائِدٌ إلَى الْجَزَاءِ دُونَ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ الدَّارَ فَلَهُ دِرْهَمٌ إلَّا بَنِي تَمِيمٍ أَوْ قَالَ ذلك لمن يكن من نبي تَمِيمٍ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَعُودُ إلَى الْجَزَاءِ دُونَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ دُخُولُ الدَّارِ كَذَا هَهُنَا (وَأَمَّا) قَوْلُهُمْ الْمُتَمَتِّعُ شُرِعَ لَهُ أَنْ لَا يَلُمَّ بِأَهْلِهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْإِلْمَامِ بِأَهْلِهِ فِي التَّمَتُّعِ وَلِهَذَا لَوْ تَمَتَّعَ غَرِيبٌ عَنْ أَهْلِهِ فَأَلَمَّ بِأَهْلِهِ يَصِحُّ تَمَتُّعُهُ وَكَذَا لَوْ تَمَتَّعَ مِنْ غَيْرِ إلْمَامٍ بِأَهْلِهِ فَتَمَتُّعُهُ عِنْدَهُمْ مَكْرُوهٌ (وَأَمَّا) قَوْلُهُ إنَّ نُسُكَهُ نَاقِصٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْغَرِيبِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إنَّمَا لَزِمَ الْغَرِيبَ الدَّمُ لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِالتَّمَتُّعِ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ وَالْمَكِّيُّ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مِنْ مِيقَاتِهِ الْأَصْلِيِّ فَلَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ لِعَدَمِ التَّرَفُّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ سَوَاءٌ حَجَّ فِي سَنَتِهِ أَمْ لَا وَكَذَا الْحَجُّ قَبْلَ الْعُمْرَةِ وَاحْتَجُّوا لَهُ بِحَدِيثِ ابْنُ عُمَرَ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَبِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرَ قَبْلَ حَجَّتِهِ وَكَانَ

أَصْحَابُهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَقْسَامًا مِنْهُمْ مَنْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ وَمِنْهُمْ مَنْ حَجَّ قَبْلَ الْعُمْرَةِ) كما سبق

*

*

قال المصنف رحمه الله تعالى

* (والافراد أن يحج ثم يعتمر والتمتع أن يعتمر في أشهر الحج ثم يحج من عامه والقران أن يحرم بهما جميعا فان احرم بالعمرة ثم ادخل عليها الحج قبل الطواف جاز ويصير قارنا لما روى (ان عائشة رضي الله عنها احرمت بالعمرة فحاضت فدخل عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تبكي فقال لَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهلى بالحج واصنعي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بالبيت ولا تصلى) وان ادخل عليها الحج بعد الطواف لم يجز واختلف أصحابنا في علته (فمنهم) من قال لا يجوز لانه قد أخذ في التحلل (ومنهم) من قال لا يجوز لانه قد أتى بمقصود العمرة وإن أحرم بالحج وأدخل عليه العمرة ففيه قولان

(أحدهما)

يجوز لانه أحد النسكين فجاز إدخاله علي الآخر كالحج (والثاني)

<<  <  ج: ص:  >  >>