آخِرِ هَذَا الْبَابِ وَهُنَاكَ يَنْبَسِطُ الْكَلَامُ فِيهِ بِأَدِلَّتِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (الثَّانِيَةُ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَيَّبَ فِي بَدَنِهِ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ الطِّيبُ الَّذِي يَبْقَى لَهُ جِرْمٌ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَاَلَّذِي لَا يَبْقَى وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ في جميع الطرق
* وحكى الرافعي وجها أو التَّطَيُّبَ مُبَاحٌ لَا مُسْتَحَبٌّ
* وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ التَّطَيُّبُ بِحَالٍ
* وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ وجها أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ التَّطَيُّبُ بِمَا يَبْقَى عَيْنُهُ
* وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ
وَغَيْرُهُ وَجْهًا فِي تَحْرِيمِ مَا يَبْقَى عَيْنُهُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَلَيْسَ بشئ وَالصَّوَابُ اسْتِحْبَابُهُ مُطْلَقًا
* قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ فِي كُتُبِهِ قَالَ وَبِهِ قَطَعَ عَامَّةُ الْأَصْحَابُ
* وَسَنَبْسُطُ أَدِلَّتَهُ فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
* قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ فِي اسْتِحْبَابِهِ الْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ والعجوز وقالوا والفرق بينه وبين الجمعة فانه يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ الْخُرُوجُ إلَيْهَا مُتَطَيِّبَاتٍ لِأَنَّ مَكَانَ الْجُمُعَةِ يَضِيقُ وَكَذَلِكَ وَقْتُهَا فَلَا يُمْكِنُهَا اجْتِنَابُ الرِّجَالِ بِخِلَافِ النُّسُكِ
* قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِذَا تَطَيَّبَ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إذَا تطيبت ثم لزمتها عدة يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ آدَمِيٌّ فَالْمُضَايَقَةُ فِيهِ أَكْثَرُ
* وَلَوْ أَخَذَ طِيبًا مِنْ مَوْضِعِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ
* وَلَوْ انْتَقَلَ الطِّيبُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى موضع بالعرق فوجهان (أصحهما) لا شئ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مُبَاحٍ
(وَالثَّانِي)
عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ تَرَكَهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحِلِّ الْإِذْنِ لانه حصل بغير اختياره فَصَارَ كَالنَّاسِي وَلِأَنَّ حُصُولَهُ هُنَاكَ تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ فَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ عَنْ الْأَصْحَابِ
* وَلَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَيَكُونُ مُسْتَعْمِلًا لِلطِّيبِ ابْتِدَاءً (الثَّالِثَةُ) اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لا يستحب تطيب ثَوْبِ الْمُحْرِمِ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ وَفِي جَوَازِ تطيبه طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْعِرَاقِيُّونَ جَوَازُهُ فَإِذَا طَيَّبَهُ وَلَبِسَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ وَاسْتَدَامَ لُبْسَهُ جَازَ وَلَا فِدْيَةَ فَإِنْ نَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا بَعْدَ إحْرَامِهِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) طَرِيقَةُ الْخُرَاسَانِيِّينَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أَصَحُّهَا) الْجَوَازُ كَمَا سَبَقَ قِيَاسًا عَلَى الْبَدَنِ (وَالثَّانِي) التَّحْرِيمُ لِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى الثَّوْبِ وَلَا يُسْتَهْلَكُ وَيَلْبَسُهُ أَيْضًا بَعْدَ نَزْعِهِ فَيَكُونُ مُسْتَأْنِفًا لِلطِّيبِ فِي الْإِحْرَامِ (وَالثَّالِثُ) يَجُوزُ بِمَا لَا يَبْقَى لَهُ جِرْمٌ وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهِ قَالُوا فَإِنْ قُلْنَا يَجُوزُ فَنَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ الْوُجُوبُ كَمَا لَوْ أَخَذَ الطِّيبَ مِنْ بَدَنِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ
(وَالثَّانِي)