بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا وَلَوْ مَسَّ طيبا يابسا كالمسك والكافور والدريرة فَإِنْ عَلِقَ بِيَدِهِ لَوْنُهُ وَرِيحُهُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ هَكَذَا يَكُونُ وَإِنْ لم يعلق بيده شئ مِنْ عَيْنِهِ لَكِنْ
عَبِقَتْ بِهِ الرَّائِحَةُ فَفِي وجوب الفدية قولان (الاصح) عند الاكثرين وهو نَصُّهُ فِي الْأَوْسَطِ لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا عَنْ مجاوزة فَأَشْبَهَ مَنْ قَعَدَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَهِيَ تُبَخَّرُ
(وَالثَّانِي)
تَجِبُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَهُوَ نصه فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ لِأَنَّهَا عَنْ مُبَاشَرَةٍ وَإِنْ كَانَ الطِّيبُ رَطْبًا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ رَطْبٌ وَقَصَدَ مَسَّهُ فَعَلِقَ بِيَدِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَابِسٌ فَمَسَّهُ فَعَلِقَ بِيَدِهِ فَقَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
تَجِبُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهُ مَسَّهُ قَاصِدًا فَصَارَ كَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ رَطْبٌ
لَا لِأَنَّهُ عَلِقَ بِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَصَارَ كَمَنْ رش عليه ما وَرْدٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِي نَصُّهُ فِي الْجَدِيدِ وَالْأَوَّلُ هُوَ القديم وذلك ذَكَرَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ رَجَّحَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ وَرَجَّحَتْ طَائِفَةٌ عَدَمَ الْوُجُوبِ (قُلْتُ) هَذَا أَصَحُّ لِأَنَّهُ نَصُّهُ فِي الْجَدِيدِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ قَاصِدٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ فِي اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ نَاسِيًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَلَوْ شَدَّ مِسْكًا أَوْ كَافُورًا أَوْ عَنْبَرًا فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ أَوْ جُبَّتِهِ أو لبسته المرأة حشوا بشئ مِنْهَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ قَطْعًا لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ شَدَّ الْعُودَ فَلَا فِدْيَةَ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَطَيُّبًا بِخِلَافِ شَدِّ الْمِسْكِ وَلَوْ شَمَّ الْوَرْدَ فَقَدْ تَطَيَّبَ وَلَوْ شَمَّ مَاءَ الْوَرْدِ فَلَا بَلْ اسْتِعْمَالُهُ أَنْ يَصُبَّهُ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثوبه ولو حمل مسكا أو طيبا غيره فِي كِيسٍ أَوْ خِرْقَةٍ مَشْدُودًا أَوْ قَارُورَةٍ مُصَمَّمَةِ الرَّأْسِ أَوْ حَمَلَ الْوَرْدَ فِي وِعَاءٍ فَلَا فِدْيَةَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَشُمُّ قَصْدًا لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ وَلَوْ حَمَلَ مِسْكًا فِي قَارُورَةٍ غَيْرِ مَشْقُوقَةٍ فَلَا فِدْيَةَ أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَوْ كَانَتْ الْقَارُورَةُ مَشْقُوقَةً أَوْ مَفْتُوحَةَ الرَّأْسِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ طيبا ولو جاش عَلَى فِرَاشٍ مُطَيَّبٍ أَوْ أَرْضٍ مُطَيَّبَةٍ أَوْ نَامَ عَلَيْهَا مُفْضِيًا إلَيْهَا بِبَدَنِهِ أَوْ مَلْبُوسِهِ لزمته الفدية ولو فرض فوقه ثوبا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute