للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومالك واحمد واسحق وداود وغيرهم

* وقال الحكم والثوري وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيُزَوِّجَ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ عَلَى الْخُلْعِ وَالرَّجْعَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَشِرَاءِ الْجَارِيَةِ وَتَزْوِيجِ السُّلْطَانِ فِي إحْرَامِهِ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (فَإِنْ) قِيلَ المراد بالنكاح الوطئ (فَالْجَوَابُ) مِنْ أَوْجُهٍ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ (أَحَدُهَا) أَنَّ اللَّفْظَ إذَا اجْتَمَعَ فِيهِ عُرْفُ اللُّغَةِ وَعُرْفُ الشَّرْعِ قُدِّمَ عُرْفُ الشَّرْعِ لِأَنَّهُ طَارِئٌ وَعُرْفُ الشَّرْعِ أَنَّ النِّكَاحَ الْعَقْدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (فانكحوهن باذن أهلهن ولا تعلوضوهن ان ينكحن) (وانكحوا ما طاب لكم من النساء) وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا) وَفِي الصَّحِيحِ (انْكِحِي أُسَامَةَ) وَالْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَشَبَهِهَا الْعَقْدُ دُونَ الوطئ (وَأَمَّا) قَوْله تَعَالَى (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بعد حتى تنكح زوجا غيره) وقَوْله تَعَالَى (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً) فانما حملنا على الوطئ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ) (الْجَوَابُ الثَّانِي) أَنَّهُ يَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَلَا يَنْكِحُ) علي الوطئ فَإِنْ قَالُوا الْمُرَادُ لَا يَطَأُ وَلَا يُمَكِّنُ غيره من الوطئ (قُلْنَا) أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ يَجُوزُ لَهُ ان يمكن غيره من الوطئ وَهُوَ إذَا زَوَّجَ بِنْتَه حَلَالًا ثُمَّ أَحْرَمَ فانه يلزمه ان يمكن الزوج من الوطئ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ (الْجَوَابُ الثَّالِثُ) أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ) والخطبة تراد للعقد وكذلك النكاح قالوا يُحْمَلُ (وَلَا يَخْطُبُ) عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ الوطئ بالطلب والاستدعاء (وَالْجَوَابُ) أَنَّ الْخِطْبَةَ الْمَقْرُونَةَ بِالْعَقْدِ لَا يُفْهَمُ مِنْهَا إلَّا الْخِطْبَةَ الْمَشْهُورَةَ وَهِيَ طَلَبُ التَّزْوِيجِ (الْجَوَابُ الرَّابِعُ) أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرَادَ ان يزوج طلحة بن عمر ابنت شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ فَأَرْسَلَ إلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ لِيَحْضُرَ ذَلِكَ وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَبَانُ وَقَالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ وَلَا يَخْطُبُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَهَذَا السَّبَبُ والاستدلال منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>