للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَتَيْنِ تَنْبِيهٌ عَلَى حُكْمٍ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْأُخْرَى (وَأَمَّا) الْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ فَهُوَ حَمْلُهُ هُنَا عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْغَرَامَاتِ وَيَسْتَوِي فِيهَا الْعَامِدُ وَالنَّاسِي وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيهَا فِي الْإِثْمِ

* (وَالْجَوَابُ) عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ أَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ فَافْتَرَقَ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَقَتْلُ الصَّيْدِ إتْلَافٌ فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ فِي الْغَرَامَةِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْآدَمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَلَزِمَهُ جَزَاؤُهُ ثُمَّ قَتَلَ صَيْدًا آخَرَ لَزِمَهُ لِلثَّانِي جَزَاءٌ آخَرُ

* هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وإسحق وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ

* قَالَ الْعَبْدَرِيُّ هُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ كَافَّةً إلَّا مَنْ سَنَذْكُرُهُ

* وَقَالَ ابن المنذر قال ابن عباس وشريج وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ يَجِبُ الْجَزَاءُ بِالصَّيْدِ الْأَوَّلِ دُونَ مَا بَعْدَهُ وَحَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْ دَاوُد

* قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ دَاوُد لَوْ قَتَلَ مِائَةَ صَيْدٍ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ

* وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ

* وَأَحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ متعمدا فجزاء) فَعَلَّقَ وُجُوبَ الْجَزَاءِ عَلَى لَفْظِ مَنْ قَالُوا وَمَا عُلِّقَ عَلَى لَفْظِ مَنْ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ الدَّارَ فَلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ مَنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ فَإِذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا دِرْهَمًا بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ وَإِذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهَا لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ

* قَالُوا وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ (وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ منه) وَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى الْعَوْدِ غَيْرَ الِانْتِقَامِ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ

تَعَالَى (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ لَنَا دَلَالَتَانِ (إحْدَاهُمَا) أَنَّ لَفْظَ الصَّيْدِ إشَارَةٌ إلَى الْجِنْسِ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ يَدْخُلَانِ لِلْجِنْسِ أَوْ الْعَهْدِ وليس في الصيد مَعْهُودٌ فَتَعَيَّنَ الْجِنْسُ وَأَنَّ الْجِنْسَ يَتَنَاوَلُ الْجُمْلَةَ والافراد فقوله تعالى (ومن قتله منكم) يَعُودُ إلَى جُمْلَةِ الْجِنْسِ وَآحَادِهِ (وَالدَّلَالَةُ الثَّانِيَةُ) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا) فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) وَحَقِيقَةُ الْمُمَاثَلَةِ أَنْ يَفْدِيَ الْوَاحِدَ بِوَاحِدٍ وَالِاثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَالْمِائَةَ بِمِائَةٍ وَلَا يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنْ النعم مثلا لجماعة صبود وَلِأَنَّهَا نَفْسٌ تُضْمَنُ بِالْكَفَّارَةِ فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِ الْقَتْلِ كَقَتْلِ الْآدَمِيِّينَ وَلِأَنَّهَا غَرَامَةُ مُتْلَفٍ فَتَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِ الْإِتْلَافِ كَإِتْلَافِ أَمْوَالِ الْآدَمِيِّ

* قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ صيدين دفعة واحدة لزمه جزءان فَإِذَا تَكَرَّرَ بِقَتْلِهِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>