عَلَى الْمُنَفِّرِ مِنْ الْحَرَمِ ضَمَانُهُ إذَا قَتَلَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ مَا لَمْ يَسْكُنُ نِفَارُهُ وَلَا يُزَالُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَسْكُنَ نِفَارُهُ وَيَسْكُنَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ فَإِذَا سَكَنَ فِي مَكَان مِنْهُمَا زَالَ عَنْهُ الضَّمَانُ وَقَبْلَ السُّكُونِ هُوَ فِي ضَمَانِهِ
* هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَقَالَ لَوْ نَفَّرَ صَيْدًا حَرَمِيًّا فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلضَّمَانِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ النِّفَارُ حَتَّى خَرَجَ من الحرم فسكن في احل وَجَبَ الضَّمَانُ بِلَا خِلَافٍ قَالَ ثُمَّ قَالَ الْأَئِمَّةُ يَدُومُ التَّعَرُّضُ لِلضَّمَانِ حَتَّى يَزُولَ نِفَارُهُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْحَرَمِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا أَرَاهُ ذِلَّةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي رَدِّهِ إلَى الْحَرَمِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِخُرُوجِهِ لِلضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا خَرَجَ الصَّيْدُ الْحَرَمِيُّ إلَى الْحِلِّ حَلَّ لِلْحَلَالِ اصْطِيَادُهُ في الحل ولا شئ عليه في إتلافه لانه صار صيد حل كَمَا أَنَّ صَيْدَ الْحِلِّ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ حَرُمَ اصْطِيَادُهُ لِأَنَّهُ صَارَ صَيْدَ حَرَمٍ وَحَكَى الْبَغَوِيّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ صَيْدِ الْحَرَمِ فِي الْحِلِّ كَمَا لَوْ قَلَعَ شجرة من الحرم وَغَرَسَهَا فِي الْحِلِّ لَا يَحِلُّ قَطْعُهَا قَالَ وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِنَا أَنَّ الصَّيْدَ يَتَحَوَّلُ بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَكَانِ الْمُتَحَوَّلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْبَغَوِيّ إذَا دخل شئ مِنْ الْجَوَارِحِ إلَى الْحَرَمِ فَفَلَتَ فَأَتْلَفَ صَيْدًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ وَقَدْ سَبَقَ نَظِيرُ هَذَا فِي الْحَرَمِ
إذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي الْحَرَمِ فَهَلَكَ فِيهَا صَيْدٌ فَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَابِ الْمَاضِي أَنَّهُ إنْ حَفَرَهَا فِي
مَحَلِّ عُدْوَانٍ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ وَإِنْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ مَوَاتٍ فَالْأَصَحُّ الضَّمَانُ أَيْضًا وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً هُنَاكَ
* وَلَوْ نَصَبَ شَبَكَةً فِي الْحَرَمِ فَهَلَكَ بِهَا صَيْدٌ ضَمِنَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ الْحَرَمِ فَنَصَبَهَا فِي الْحِلِّ فَتَلِفَ بِهَا صَيْدٌ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ الْحِلِّ فَنَصَبَهَا فِي الْحَرَمِ ضَمِنَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
لَوْ كَانَ الْحَلَالُ جَالِسًا فِي الْحَرَمِ فَرَأَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَعَدَا إلَيْهِ فَقَتَلَهُ فِي الْحِلِّ فَلَا ضَمَانَ بِلَا خِلَافٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ رَمَى سَهْمًا مِنْ الْحَرَمِ إلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إنْ ابْتَدَأَ الِاصْطِيَادَ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ لِأَنَّ السَّهْمَ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ وَلَيْسَ ابْتِدَاءُ الِاصْطِيَادِ مِنْ حِينِ الْعَدْوِ بَلْ مِنْ حِينِ ضَرْبِهِ وَلِهَذَا شُرِعَ لَهُ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ إرْسَالِ السَّهْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute