البيت وموضوع الطَّوَافِ سُمِّيَتْ بَكَّةَ لِازْدِحَامِ النَّاسِ فِيهَا يَبُكُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَيْ يَدْفَعُهُ فِي زَحْمَةِ الطَّوَافِ وقيل لانهاتبك - أَعْنَاقَ الْجَبَابِرَةِ أَيْ تَدُقُّهَا وَالْبَكُّ الدَّقُّ
* وَسُمِّيَتْ مَكَّةَ لِقِلَّةِ مَائِهَا مِنْ قَوْلِهِمْ امْتَكَّ الْفَصِيلُ ضَرْعَ أُمِّهِ إذَا امْتَصَّهُ وَقِيلَ لِأَنَّهَا تَمُكُّ الذُّنُوبَ أَيْ تَذْهَبُ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَأَمَّا) مَدِينَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَهَا أَسْمَاءٌ - الْمَدِينَةُ - وَطَيْبَةُ وَطَابَةُ وَالدَّارُ قَالَ اللَّهُ تعالى (ما كان لاهل المدينة) ويقولون لئن رجعنا إلى المدينة) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ سُمِّيَتْ طَابَةَ وَطَيِّبَةَ مِنْ
الطَّيِّبِ وَهُوَ الطَّاهِرُ لِخُلُوصِهَا مِنْ الشِّرْكِ وَطَهَارَتِهَا (وَقِيلَ) مِنْ طِيبِ الْعَيْشِ وَقِيلَ مِنْ الطِّيبِ وَهُوَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ وَسُمِّيَتْ الدَّارُ لِأَمْنِهَا وَلِلِاسْتِقْرَارِ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَفِيهَا مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِ الْمُحْرِمِ مَكَّةَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ أَغْسَالِ الْحَجِّ فِي أَوَّلِ بَابِ الْإِحْرَامِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ الْغُسْلِ تَيَمَّمَ وَذَكَرْنَا فِيهِ فُرُوعًا كَثِيرَةً وَيُسْتَحَبُّ هَذَا الْغُسْلُ بِذِي طَوًى إنْ كَانَتْ فِي طَرِيقِهِ وَإِلَّا اغْتَسَلَ فِي غَيْرِ طَرِيقِهَا كَنَحْوِ مَسَافَتِهَا وَيَنْوِي بِهِ غُسْلَ دُخُولِ مَكَّةَ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ مُحْرِمٍ حَتَّى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّبِيِّ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ
* قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ خَرَجَ إنْسَانٌ مِنْ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحِلِّ وَاغْتَسَلَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ فَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ من موضع بعيد من مَكَّةَ كَالْجِعْرَانَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَغْتَسِلَ أَيْضًا لِدُخُولِ مَكَّةَ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ كَالتَّنْعِيمِ أَوْ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ لَمْ يَغْتَسِلْ لِدُخُولِ مَكَّةَ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ هَذَا الْغُسْلِ النَّظَافَةُ وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ عِنْدَ دُخُولِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِغُسْلِهِ السَّابِقِ
* وَهَذَا الْغُسْلُ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ دَاخِلٍ مُحْرِمٍ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قِرَانٍ بِلَا خِلَافٍ وَيُنْكَرُ عَلَى الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ فَأَوْهَمَ اخْتِصَاصَهُ بِهِ (وَالصَّوَابُ) حَذْفُ لَفْظَةِ الْحَجِّ كَمَا حَذَفَهَا فِي التَّنْبِيهِ وَالْأَصْحَابُ (الثَّانِيَةُ) يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ هَكَذَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَسَائِرُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ (وَأَمَّا) مَا يَفْعَلُهُ حَجِيجُ الْعِرَاقِ مِنْ قُدُومِهِمْ إلَى عَرَفَاتٍ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ فَخَطَأٌ مِنْهُمْ وَجَهَالَةٌ وَفِيهِ ارْتِكَابُ بِدْعَةٍ وَتَفْوِيتُ سُنَنٍ (مِنْهَا) دُخُولُ مَكَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute