قُلْنَا سَبْقُ الْحَدَثِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَالطَّوَافُ أَوْلَى وَإِنْ قُلْنَا يُبْطِلُهَا فَفِي إبْطَالِهِ الطَّوَافَ قَوْلَانِ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي حُكْمِ خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ بِالْكَلَامِ عَمْدًا وَكَثْرَةِ الْأَفْعَالِ
* وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ يَبْنِي عَلَى طَوَافِهِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنْ أَحْدَثَ الطَّائِفُ فَتَوَضَّأَ وَعَادَ قَرِيبًا بَنَى نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَالْقَيْصَرِيُّ فِيهِ قَوْلَانِ كَالصَّلَاةِ قَالَ فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ
الْعَمْدِ وَالسَّبْقِ كَالصَّلَاةِ قَالَ (وَمِنْهُمْ) مَنْ قَالَ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
* فَهَذِهِ طُرُقُ الْأَصْحَابِ وَهِيَ مُتَقَارِبَةٌ وَمُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَقُرْبِ الزَّمَانِ وَطُولِهِ
* قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَحَيْثُ لَا نُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ فنستحبه والله أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
حَيْثُ قَطَعَ الطَّوَافَ فِي أَثْنَائِهِ بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقُلْنَا يَبْنِي عَلَى الْمَاضِي فَظَاهِرُ عِبَارَةِ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَبْنِي مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ وَصَلَ إلَيْهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي إنْ كَانَ خُرُوجُهُ مِنْ الطَّوَافِ عِنْدَ إكْمَالِ طَوْفَةٍ بِوُصُولِهِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ عاد فابتدأ الطوافة الَّتِي تَلِيهَا مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَإِنْ كَانَ خُرُوجُهُ فِي أَثْنَاءِ طَوْفَةٍ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَوَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَسْتَأْنِفُ هَذِهِ الطَّوْفَةَ مِنْ أَوَّلِهَا لِأَنَّ لِكُلِّ طَوْفَةٍ حُكْمَ نَفْسِهَا (وَأَصَحُّهُمَا) يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا وَيَبْتَدِئُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ وَصَلَهُ
* وَحَكَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا الدَّارِمِيُّ وَصَحَّحَ الْبِنَاءَ كَمَا صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أولا والله أعلم * قال المصنف رحمه الله
* (وإذا فرغ من الطواف صلى ركعتي الطواف وهل يجب ذلك فيه قولان
(أحدهما)
أنها واجبة لقوله عز وجل (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى) والامر يقتضي الوجوب (والثاني) لا يجب لانها صلاة زائدة على الصلوات الخمس فلم تجب بالشرع على الاعيان كسائر النوافل
* والمستحب أن يصليهما عند المقام لما روى جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين) فان صلاهما في مكان آخر جَازَ لِمَا رُوِيَ (أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ طاف بعد الصبح ولم ير أن الشمس قد طلعت فركب فلما أتى ذا طوى أناخ راحلته وصلى ركعتين) وكان ابن عمر رضي الله عنهما يطوف بالبيت ويصلي ركعتين في البيت
* والمستحب أن يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ قُلْ يَا أيها الكافرون وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لِمَا رَوَى جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَرَأَ في ركعتي الطواف قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون)
* ثم يعود إلي الركن فيستلمه ويخرج من باب الصفا لما روى جابر بن عبد الله (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ سبعا وصلى ركعتين ثم رجع إلى الحجر فاستلمه ثم خرج من باب الصفا)
*