للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَعَلَى فَضْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حوله) وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَمَنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ المسجد الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا) وَعَنْ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خِلَالًا ثَلَاثًا سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ فَأُوتِيَهُ وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حين فرغ من بناء المسجد أن لا يَأْتِيَهُ أَحَدٌ لَا يَنْهَزُهُ إلَّا الصَّلَاةُ فِيهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَزَادَ (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا اثنتين فقد أعطيهما وأرجوا أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ) وَعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ وَيُقَالُ بِنْتُ سَعِيدٍ مَوْلَاةِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ (يَا نَبِيَّ اللَّهِ

أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ الْمَنْشَرُ وَالْمَحْشَرُ ايتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ قَالَتْ أَرَأَيْت مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إلَيْهِ لَوْ يَأْتِيه قَالَ فَلْيُهْدِ إلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَإِنَّهُ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيهِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَرَوَاهُ بِهِ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُخْتَصَرًا قَالَتْ (قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فقال ايتوه فصلوا فيه وكانت البلاد إذا ذَاكَ حَرْبًا فَإِنْ لَمْ تَأْتُوهُ وَتُصَلُّوا فِيهِ فَابْعَثُوا بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِي قَنَادِيلِهِ) هَذَا لَفْظُ رواية ابي داود ذكره فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ

* (فَرْعٌ)

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ تُكْرَهُ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ وَقَالَ أَحْمَدُ وَآخَرُونَ تُسْتَحَبُّ

* وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ مَنْ كَرِهَ خَوْفُ الْمِلْكِ وَقِلَّةِ الْحُرْمَةِ لِلْأُنْسِ وَخَوْفُ مُلَابَسَةِ الذُّنُوبِ فَإِنَّ الذَّنْبَ فِيهَا أَقْبَحُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا كَمَا أَنَّ الْحَسَنَةَ فِيهَا أَعْظَمُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا

* وَدَلِيلُ مَنْ اسْتَحَبَّهَا أَنَّهُ يَتَيَسَّرُ فِيهَا مِنْ الطَّاعَاتِ مَا لَا يَحْصُلُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَتَضْعِيفِ الصَّلَوَاتِ وَالْحَسَنَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

* وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُجَاوَرَةَ مُسْتَحَبَّةٌ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْوُقُوعُ فِي الْأُمُورِ الْمَذْمُومَةِ أَوْ بَعْضِهَا (وَقَدْ جَاوَرَ بِهِمَا خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهَا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَيَنْبَغِي لِلْمُجَاوِرِ أَنْ يُذَكِّرَ نَفْسَهُ بِمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (لَخَطِيئَةٌ أُصِيبُهَا بِمَكَّةَ أَعَزُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>