للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السُّنَنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِتَطْوِيلِ الْغُرَّةِ إشَارَةً إلَى النَّوْعِ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا وَيُطْلِقُونَ تَطْوِيلَ الْغُرَّةِ فِي الْيَدِ قَالَ وَرَأَيْتُ بَعْضَهُمْ احْتَجَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ وَإِنَّمَا يُمْكِنُ الْإِطَالَةُ فِي الْيَدِ لِأَنَّ الْوَجْهَ يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وهذا الاحتجاج ليس بشئ لِأَنَّ الْإِطَالَةَ فِي الْوَجْهِ أَنْ يَغْسِلَ إلَى اللَّبَّةِ وَصَفْحَةِ الْعُنُقِ وَهُوَ مُسْتَحَبّ نَصَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ

* قُلْتُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْغُرَّةَ غَيْرُ التَّحْجِيلِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْمُغَايَرَةِ بَيْنَهُمَا وَرِوَايَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْغُرَّةِ لَا تُخَالِفُ هَذَا لِأَنَّ فِي هَذَا زِيَادَةً وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ أَحَدُ الْقَرِينَيْنِ وَيَكُونُ الْآخَرُ مُرَادًا كَقَوْلِهِ تعالى (سرابيل تقيكم الحر) أَيْ وَالْبَرْدَ

* وَإِذَا ثَبَتَ تَغَايُرُهُمَا فَأَحْسَنُ مَا فِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيِّ وَمُرَادُهُمَا غَسْلُ جُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْ

الرَّأْسِ وَمَا يُلَاصِقُ الْوَجْهَ مِنْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ وَهَذَا غَيْرُ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا يَتِمُّ غَسْلُ الْوَجْهِ إلَّا بِهِ (فَرْعٌ)

هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ غَسْلِ مَا فَوْقَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ هُوَ مَذْهَبُنَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْن أَصْحَابِنَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا سَبَقَ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَالْمُسْلِمُونَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يُتَعَدَّى بِهِ مَا حَدَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَمْ يُجَاوِزْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ فِيمَا بَلَغَنَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ (١) مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ خَطَأٌ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَفْعَلْهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَلِأَنَّ تَفْسِيرَ الرَّاوِي إذَا لَمْ يُخَالِفْ الظَّاهِرَ يَجِب قَبُولُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصحيح لا هل الْأُصُولِ

* وَأَمَّا نَقْلُهُ الْإِجْمَاعَ فَلَا يُقْبَلُ مَعَ خِلَافِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابِنَا وَأَمَّا كَوْنُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ فَلَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ سُنَّةً بَعْدَ صِحَّةِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ: وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ فَالْمُرَادُ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَغَسَلَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله

* وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لِمَا رَوَى أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه


(١) هذا يرده رواية مسلم السابقة فانها صريحة في المجاوزة في اليدين والرجلين وقد وافق القاضي عياض ابن بطال على هذه المقالة على هذه المقالة الباطلة وهو عجيب منها اه اذرعي

<<  <  ج: ص:  >  >>