(أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا النَّذْرُ ضَرْبَانِ
(أَحَدُهُمَا)
نَذْرُ تَبَرُّرٍ (وَالثَّانِي) نَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ (الْأَوَّلُ) التَّبَرُّرُ وَهُوَ نَوْعَانِ
نَذْرُ الْمُجَازَاةِ وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً فِي مُقَابِلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ بَلِيَّةٍ كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ رَزَقَنِي وَلَدًا أَوْ نَجَّانَا مِنْ الْغَرَقِ أَوْ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ مِنْ الظَّالِمِ أَوْ أَغَاثَنَا عِنْدَ الْقَحْطِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ إعْتَاقٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَإِذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ (مَنْ نَذَرَ أَنْ يطع اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ) (النَّوْعُ الثَّانِي) أَنْ يَلْتَزِمَهُ ابْتِدَاءً من غير تعليق على شئ فَيَقُولُ ابْتِدَاءً لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ أَوْ أَصُومَ أَوْ أُعْتِقَ أَوْ أَتَصَدَّقَ فَفِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَجْهَيْنِ وَحَكَاهُمَا غَيْرُهُمْ قَوْلَيْنِ
لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ شئ (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ يَصِحُّ نَذْرُهُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الضَّرْبُ الثَّانِي) نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ يَحُثَّهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالتَّرْكِ وَيُقَالُ فِيهِ يَمِينُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا يَمِينُ الْغَلَقِ وَيُقَالُ أَيْضًا نَذْرُ الْغَلَقِ - بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ - فَإِذَا قَالَ إنْ كَلَّمْتُ فُلَانًا أَوْ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ الْبَلَدِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ أَوْ صَلَاةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ ثُمَّ كَلَّمَهُ أَوْ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ فَفِيمَا يَلْزَمُهُ خَمْسَةُ طُرُقٍ جَمَعَهَا الرَّافِعِيُّ قَالَ أَشْهَرُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ (أَحَدُهَا) يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَ (وَالثَّانِي) يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (وَالثَّالِثُ) يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا قَالَ وَهَذَا الثَّالِثُ هُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ لَكِنْ الْأَظْهَرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَرُوذِيُّ وَالْمُوَفَّقُ بْنُ طَاهِرٍ وَغَيْرُهُمْ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) الْقَطْعُ بِالتَّخْيِيرِ
(وَالثَّالِثُ) نفى التَّخْيِيرِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ (وَالرَّابِعُ) الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِ التَّخْيِيرِ وَعَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (وَالْخَامِسُ) الِاقْتِصَارُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَلُزُومُ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ وَنَفْيُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ (قُلْت) وَالْأَصَحُّ التَّخْيِيرُ بَيْنَ مَا الْتَزَمَ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ
* قَالَ الرَّافِعِيُّ فَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَوَفَّى بِمَا الْتَزَمَ لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَزَمُ مِنْ جِنْسِ مَا تَتَأَدَّى بِهِ الْكَفَّارَةُ فَالزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الْكَفَّارَةِ تَقَعُ تَطَوُّعًا وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ
* وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَجْهًا أَنَّهُ إنْ كَانَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا الْتَزَمَ عَلَى وَجْهِ اللَّجَاجِ إعْتَاقَ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ قُلْنَا وَاجِبُهُ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَ لَزِمَهُ إعْتَاقُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute