وَعَطَفَتْ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ تَبْتَدِئُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ لَا يُخَالَفُ ذَلِكَ إلَّا لِمَقْصُودٍ فَلَمَّا بَدَأَ سُبْحَانَهُ بِالْوَجْهِ ثُمَّ الْيَدَيْنِ ثُمَّ الرَّأْسِ ثُمَّ الرِّجْلَيْنِ دَلَّ عَلَى الْأَمْرِ بِالتَّرْتِيبِ وَإِلَّا لَقَالَ فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤسكم وَاغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا مِنْ الْآيَةِ دَلِيلَيْنِ آخَرَيْنِ ضَعِيفَيْنِ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِمَا إلَّا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى ضَعْفِهِمَا لِئَلَّا يُعَوَّلَ عَلَيْهِمَا: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ وَنَقَلُوهُ عَنْ الْفَرَّاءِ وَثَعْلَبٍ وَزَعَمَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَاسْتَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِأَشْيَاءَ وَكُلُّهَا ضَعِيفَةُ الدَّلَالَةِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ ضَعِيفٌ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ الْأَسَالِيبِ صَارَ عُلَمَاؤُنَا إلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ وَتَكَلَّفُوا نَقْلَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ الْعَرَبِيَّةِ وَاسْتَشْهَدُوا بِأَمْثِلَةٍ فَاسِدَةٍ قَالَ وَاَلَّذِي نَقْطَعُ بِهِ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَمَنْ ادَّعَاهُ فَهُوَ مُكَابِرٌ فَلَوْ اقْتَضَتْ لَمَا صَحَّ قَوْلُهُمْ تَقَاتَلَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو كَمَا لَا يَصِحُّ تَقَاتَلَ زَيْدٌ ثُمَّ عَمْرٌو وَهَذَا الَّذِي قاله الامام هو الصواب المعروف لا هل الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ
* الدَّلِيلُ الثَّانِي نَقَلَهُ أَصْحَابُنَا عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ عُلَمَاءِ أَصْحَابِنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فَعَقَّبَ الْقِيَامَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ بِالْفَاءِ وَالْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بِلَا خِلَافٍ وَمَتَى وَجَبَ تَقْدِيمُ الْوَجْهِ تَعَيَّنَ التَّرْتِيبُ إذْ لَا قَائِلَ بِالتَّرْتِيبِ فِي الْبَعْضِ وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ بَاطِلٌ وَكَأَنَّ قَائِلَهُ حَصَلَ لَهُ ذُهُولٌ وَاشْتِبَاهٌ فَاخْتَرَعَهُ وَتُوبِعَ عَلَيْهِ تَقْلِيدًا وَوَجْهُ بطلانه ان الفاء وان اقتضت التريب لَكِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ مع ما دخلت عليه كشئ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْوَاوِ فَمَعْنَى الْآيَةِ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا الْأَعْضَاءَ فَأَفَادَتْ الْفَاءُ تَرْتِيبَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ عَلَى الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ لَا تَرْتِيبَ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَهَذَا مما يعلم بالبديهة ولا شك في أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا دَخَلْتَ السُّوقَ فَاشْتَرِ خُبْزًا وَتَمْرًا لَمْ يَلْزَمْهُ تَقْدِيمُ الْخُبْزِ بَلْ كَيْفَ اشْتَرَاهُمَا كَانَ مُمْتَثِلًا بِشَرْطِ كَوْنِ الشِّرَاءِ بَعْدَ دُخُولِ السُّوقِ كَمَا أَنَّهُ هُنَا يَغْسِلُ الْأَعْضَاءَ بَعْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ
* واحتج الاصحاب من السنة بالاحاديث الصحية
الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّهُمْ وَصَفُوهُ مُرَتَّبًا مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَكَثْرَةِ الْمَوَاطِنِ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا وَكَثْرَةِ اخْتِلَافِهِمْ فِي صِفَاتِهِ فِي مَرَّةٍ وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute