للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا لَمْ يَجِدْ طَاهِرًا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ النَّجَاسَاتِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَدَلِيلُهُ فِي الْكِتَابِ وَفِي وُجُوبِ هَذَا الْأَكْلِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) يَجِبُ وَبِهِ قَطَعَ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ وَصَحَّحَهُ الْبَاقُونَ

(وَالثَّانِي)

لَا يَجِبُ بَلْ هُوَ مُبَاحٌ فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْأَكْلَ فَإِنَّمَا يَجِبُ سَدُّ الرَّمَقِ دُونَ الشِّبَعِ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا وَجَدَ طَاهِرًا يَمْلِكُهُ لَزِمَهُ أَكْلُهُ (الثَّانِيَةُ) فِي حَدِّ الضَّرُورَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُوعَ الْقَوِيَّ لَا يَكْفِي لِتَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا قَالُوا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِامْتِنَاعُ إلَى الْإِشْرَافِ عَلَى الْهَلَاكِ فَإِنَّ الْأَكْلَ حِينَئِذٍ لَا يَنْفَعُ وَلَوْ انْتَهَى إلَى تِلْكَ الْحَالِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَوْ لم يأكل من جوع أو ضعف عن الْمَشْيِ أَوْ عَنْ الرُّكُوبِ وَيَنْقَطِعُ عَنْ رُفْقَتِهِ ويضيع ونحو ذلك فلو خالف حدوث مرض مخوف في جنسه فَهُوَ كَخَوْفِ الْمَوْتِ وَإِنْ خَافَ طُولَ الْمَرَضِ فَكَذَلِكَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقِيلَ إنَّهُمَا قَوْلَانِ وَلَوْ عِيلَ صَبْرُهُ وَأَجْهَدَهُ الْجُوعُ فَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الْمَيْتَةُ وَنَحْوُهَا أَمْ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَصِلَ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ فِيهِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ (أَصَحُّهُمَا) الْحِلُّ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا يَخَافُهُ تَيَقُّنُ وُقُوعِهِ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ قَالُوا كَمَا أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهَا إذَا ظَنَّ وُقُوعَ مَا خُوِّفَ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَى الْغَيْبِ وَجُمْلَةُ جِهَاتِ الظَّنِّ مُسْتَنَدُهَا الظَّنُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(الثَّالِثَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا يُبَاحُ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يُبَاحُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الشِّبَعِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي حِلِّ الشِّبَعِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ نَقَلُوا فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ (أَحَدُهَا) لَا يُبَاحُ الشِّبَعُ وَإِنَّمَا يُبَاحُ سَدُّ الرَّمَقِ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ إلَى حَالَةٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا فِي الِابْتِدَاءِ لَمَا جَازَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَزُولُ بِهَذَا وَالتَّمَادِي فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مُمْتَنِعٌ

(وَالثَّانِي)

يُبَاحُ الشِّبَعُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَلَيْسَ مَعْنَى الشِّبَعِ أَنْ يَمْتَلِئَ حَتَّى لَا يَجِدَ لِلطَّعَامِ مَسَاغًا وَلَكِنْ إذا انكسرت سورة الجوع بحيث لا ينطق عَلَيْهِ اسْمُ جَائِعٍ أَمْسَكَ (وَالثَّالِثُ) إنْ كَانَ بعيدا

<<  <  ج: ص:  >  >>