فَيُبَاحُ جَمِيعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إتْلَافُ معصوم فيجوز للمضطر أكل المتية وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَشُرْبُ الْبَوْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَيَجُوزُ لَهُ قَتْلُ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَأَكْلُهُمَا بِلَا خِلَافٍ (وَأَمَّا) الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَالْمُحَارِبُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ فَفِيهِمْ وَجْهَانِ
(أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ يَجُوزُ قَالَ الْإِمَامُ لِأَنَّا إنَّمَا مُنِعْنَا مِنْ قَتْلِ هَؤُلَاءِ تَفْوِيضًا إلَى السُّلْطَانِ لِئَلَّا يُفْتَاتَ عَلَيْهِ وَهَذَا الْعُذْرُ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ عِنْدَ تَحَقُّقِ ضَرُورَةِ الْمُضْطَرِّ (وَأَمَّا) إذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَلَهُ قَتْلُهُ قِصَاصًا وَأَكْلُهُ سَوَاءٌ حَضَرَهُ السُّلْطَانُ أَمْ لَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ (وَأَمَّا) نِسَاءُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَصِبْيَانُهُمْ فَفِيهِمْ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِلْأَكْلِ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ حَرَامٌ فَأَشْبَهَ الذِّمِّيَّ
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ الْأَصَحُّ يَجُوزُ وَبِهِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مَعْصُومِينَ وَلَيْسَ الْمَنْعُ مِنْ قَتْلِهِمْ لِحُرْمَةِ نُفُوسِهِمْ بَلْ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى قَاتِلِهِمْ (وَأَمَّا) الذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ فمصومون فَيَحْرُمُ قَتْلُهُمْ لِلْأَكْلِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَالِدٍ قَتْلُ وَلَدِهِ لِيَأْكُلَهُ وَلَا لِلسَّيِّدِ قَتْلُ عَبْدِهِ لِيَأْكُلَهُ وَإِنْ كَانَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ (أَمَّا) إذَا لَمْ يَجِدْ الْمُضْطَرُّ إلَّا آدَمِيًّا مَيِّتًا مَعْصُومًا فَفِيهِ طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا) يَجُوزُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ
فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ (الصَّحِيحُ) الْجَوَازُ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ آكد
(والثانى)
لا لوجوب صيانته وليس بشئ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ كَافِرًا حَلَّ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَوَجْهَانِ
* ثُمَّ إنَّ الْجُمْهُورَ أَطْلَقُوا الْمَسْأَلَةَ قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ الا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ نَبِيًّا فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ لِكَمَالِ حُرْمَتِهِ وَمَزِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ جَوَّزْنَا الْأَكْلَ مِنْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهُ إلَّا مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ بِلَا خِلَافٍ حِفْظًا لِلْحُرْمَتَيْنِ قَالَ وَلَيْسَ لَهُ طَبْخُهُ وَشَيُّهُ بَلْ يَأْكُلُهُ نِيئًا لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَنْدَفِعُ بِذَلِكَ وَفِي طَبْخِهِ هَتْكٌ لِحُرْمَتِهِ فَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَيْتَاتِ فَإِنَّ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلَهَا نية وَمَطْبُوخَةً وَلَوْ كَانَ الْمُضْطَرُّ ذِمِّيًّا وَوَجَدَ مُسْلِمًا ميتا فَفِي حِلِّ أَكْلِهِ لَهُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ وَلَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَالْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ لِكَمَالِ شرف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute