للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أعلم (الحادية عشر) لَا يَجُوزُ لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ أَكْلُ الْمَيْتَةِ حَتَّى يَتُوبَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فلا اثم عليه) وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ وَاضِحَةً فِي بَابِ مَسْحِ الخف وباب صلاة المسافر (الثانية عشر) نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا وَجَدَ مَعَ غَيْرِهِ طَعَامًا يَضُرُّهُ وَيَزِيدُ فِي مرضه جاز له تَرْكُهُ وَأَكْلُ الْمَيْتَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الطَّعَامُ لَهُ وَعَدُّوا هَذَا مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرُورَةِ وَكَذَا التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ كَمَا سَنُوضِحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَرِيبًا

* (فَرْعٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَإِذَا اُضْطُرَّ وَوَجَدَ مَنْ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ إلَّا فِي

حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ إذَا خَافَ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يَسْقِيَهُ مَسْمُومًا فَلَوْ تَرَكَهُ وَأَكَلَ الْمَيْتَةَ فَلَهُ تركه وأكل الميتة والله أعلم

* (الثالثة عشر) إذَا اُضْطُرَّ إلَى شُرْبِ الدَّمِ أَوْ الْبَوْلِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ النَّجَاسَاتِ الْمَائِعَةِ غَيْرِ الْمُسْكِرِ جَازَ لَهُ شُرْبُهُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ اُضْطُرَّ وَهُنَاكَ خَمْرٌ وَبَوْلٌ لَزِمَهُ شُرْبُ الْبَوْلِ وَلَمْ يَجُزْ شُرْبُ الْخَمْرِ بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (وَأَمَّا) التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ غَيْرِ الْخَمْرِ فَهُوَ جَائِزٌ سَوَاءٌ فِيهِ جَمِيعُ النَّجَاسَاتِ غَيْرُ الْمُسْكِرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ (وَوَجْهٌ ثَالِثٌ) أَنَّهُ يَجُوزُ بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ خَاصَّةً لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهَا وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهَا حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ وَهُمَا شَاذَّانِ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُرَيْنَةَ وَهِيَ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالنُّونِ - أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعُوهُ عَلَى الاسلام فلستوخموا الْمَدِينَةَ فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ فَشَكَوْا ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (أَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا قَالُوا بَلَى فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَطْرَدُوا النَّعَمَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ هَذَا لَفْظُ إحْدَى رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ (وَفِي رِوَايَةٍ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا أَبْوَالَهَا وَأَلْبَانَهَا) قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ طَاهِرًا يَقُومُ مَقَامَهَا فَإِنْ وَجَدَهُ حَرُمَتْ النَّجَاسَاتُ بِلَا خِلَافٍ وعليه

<<  <  ج: ص:  >  >>