للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرْعٌ)

كَوْنُ الْحَيَوَانِ مُنْتَهِيًا إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ أَوْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ تَارَةً يُسْتَيْقَنُ وَتَارَةً يظن بعلامات وقرائن لا تضبطها العبارة وشبه الْأَصْحَابُ بِعَلَامَاتِ الْخَجَلِ وَالْغَضَبِ وَنَحْوِهِمَا قَالُوا وَمِنْ أَمَارَاتِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ بَعْدَ قَطْعِ الحلقوم والمرئ وَانْفِجَارِ الدَّمِ وَتَدَفُّقِهِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكْفِي دَلِيلًا عَلَى بَقَاءِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ قَالَ وَالْأَصَحُّ ان كلا منهما لا يكفى لانهما قد يحصلا بَعْدَ الِانْتِهَاءِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لَكِنْ قَدْ يَنْضَمُّ إلَى أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا قَرَائِنُ وَأَمَارَاتٌ أُخَرُ تُفِيدُ الظَّنَّ أَوْ الْيَقِينَ فَيَجِبُ النَّظَرُ وَالِاجْتِهَادُ.

هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ وَاخْتَارَ الْمُزَنِيّ وَطَوَائِفُ مِنْ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءَ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَحَكَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ وَقَعَتْ الْمَسْأَلَةُ مَرَّاتٍ فِي الْفَتَاوَى فَكَانَ الْجَوَابُ فِيهَا أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ تُعْرَفُ بِقَرَائِنَ يُدْرِكُهَا النَّاظِرُ وَمِنْ عَلَامَاتِهَا الْحَرَكَةُ الشديدة بعد قطع الحلقوم والمرئ وَجَرَيَانِ الدَّمِ فَإِذَا حَصَلَتْ قَرِينَةٌ مَعَ أَحَدِهِمَا حَلَّ الْحَيَوَانُ وَالْمُخْتَارُ الْحِلُّ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ وَحْدَهَا فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي نَعْتَمِدُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ مَا يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى مَعَهُ الْحَيَوَانُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ بِأَنْ يُشَقَّ جَوْفُهَا وَظَهَرَتْ الْأَمْعَاءُ وَلَمْ تَنْفَصِلْ فَإِذَا ذُكِّيَتْ حَلَّتْ

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُنْزَلٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

* وَإِذَا شَكَّ فِي الْمَذْبُوحِ هَلْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَالَ ذَبْحِهِ أَمْ لَا فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ

(أَحَدُهُمَا)

الْحِلُّ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَأَصَحُّهُمَا) التَّحْرِيمُ لِلشَّكِّ فِي الذَّكَاةِ الْمُبِيحَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (وَأَمَّا) قَوْلُنَا فِي الْآلَةِ لَيْسَتْ ظُفُرًا وَلَا عَظْمًا فَمَعْنَاهُ جواز الذبح بكل ماله حَدٌّ يَقْطَعُ إلَّا الْعَظْمَ أَوْ الظُّفُرَ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبًا وَاضِحَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ إذَا قَطَعَ الحلقوم أو المرئ وَالْوَدَجَيْنِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى ذَلِكَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَبِينَ رَأْسَهُ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَزِيدَ فِي الْقَطْعِ وَأَنْ يَكْسِرَ عُنُقَهَا وَأَنْ يَكْسِرَ الْفَقَارَ وَأَنْ يَقْطَعَ عُضْوًا مِنْهَا وَأَنْ يُحَرِّكَهَا وَأَنْ يَنْقُلَهَا إلَى مَكَان آخَرَ وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ بَلْ يَتْرُكُهُ كُلَّهُ حَتَّى تُفَارِقَهَا الرُّوحُ وَتَبْرُدَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُمْسِكَهَا بَعْدَ الذَّبْحِ مَانِعًا لَهَا مِنْ الِاضْطِرَابِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَدِلَّةَ هَذِهِ الْأُمُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

<<  <  ج: ص:  >  >>