للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ أَيْ لَا يَصْرِفُهُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (وَالثَّانِي) مَعْنَاهُ لَا يَأْخُذُ بَعْضُكُمْ مَالَ بعض كما قال تعالى (لا تقتلوا أنفسكم) (وَقَوْلُهُ) بِالْبَاطِلِ قِيلَ مَعْنَاهُ الصَّرْفُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَقِيلَ النَّهْبُ وَالْغَارَاتُ (وَالثَّالِثُ) التِّجَارَاتُ الْفَاسِدَةُ وَنَحْوُهَا وَالْمُخْتَارُ مَا قَدَّمْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَهْلِ الْمَعَانِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

* وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْأُمِّ تَفْسِيرَهَا مُسْتَوْفًى مَعَ اخْتِصَارٍ وَشَرَحَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي فَقَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَعْنَى الْآيَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ (أَحَدُهَا) أَنَّهَا عَامَّةٌ فَإِنَّ لَفْظَهَا لَفْظُ عُمُومٍ يَتَنَاوَلُ كُلَّ بَيْعٍ وَيَقْتَضِي إبَاحَةَ جَمِيعِهَا إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِنَا قَالَ فِي الْأُمِّ هَذَا أَظْهَرُ مَعَانِي الْآيَةِ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالدَّلِيلُ لِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بُيُوعٍ كَانُوا يَعْتَادُونَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجَائِزَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ تَنَاوَلَتْ إبَاحَةَ جَمِيعِ الْبُيُوعِ إلَّا مَا خُصَّ مِنْهَا وَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَخْصُوصَ قَالَ فَعَلَى هَذَا فِي الْعُمُومِ قَوْلَانِ

(أَحَدُهُمَا)

إنَّهُ عُمُومٌ أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ وَإِنْ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ

(وَالثَّانِي)

إنَّهُ عُمُومٌ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّ الْعُمُومَ الْمُطْلَقَ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْعُمُومُ وَهُوَ مَا يَجْرِي عَلَى عُمُومِهِ وَإِنْ دَخَلَهُ تَخْصِيصٌ كَانَ الْخَارِجُ مِنْهُ بِالتَّخْصِيصِ أَقَلَّ مِمَّا بَقِيَ عَلَى الْعُمُومِ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنَّ الْبَيَانَ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللَّفْظِ وَفِيمَا أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ اللَّفْظِ أَوْ مُقْتَرِنٌ بِهِ قَالَ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا

يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ تَخْصِيصٍ وَإِخْرَاجُهَا مِنْ الْعُمُومِ (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ إنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَا يُعْقَلُ مِنْهَا صِحَّةُ بَيْعٍ مِنْ فَسَادِهِ إلَّا بِبَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلِيلُهُ أَنَّ فِي الْبِيَاعَاتَ الْجَائِزَ وَغَيْرَهُ وَبَيَّنَ فِي الْآيَةِ مَا يُمَيِّزُ هَذَا مِنْ ذَاكَ فَاقْتَضَتْ كَوْنَهَا مُجْمَلَةً فَعَلَى هَذَا هَلْ هِيَ مُجْمَلَةٌ بِنَفْسِهَا أَمْ بِعَارِضٍ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ بِنَفْسِهَا لِأَنَّ قوله تعالى (وأحل الله البيع) يَقْتَضِي جَوَازَ الْبَيْعِ مُتَفَاضِلًا وقَوْله تَعَالَى (وَحَرَّمَ الربا) يَقْتَضِي تَحْرِيمَ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ مُتَفَاضِلًا فَصَارَ آخِرُهَا مُعَارِضًا لِأَوَّلِهَا فَحَصَلَ الْإِجْمَالُ فِيهَا بِنَفْسِهَا

(وَالثَّانِي)

أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ بِغَيْرِهَا لِأَنَّهَا جَوَازُ كُلِّ بَيْعٍ مِنْ غَرَرٍ وَمَعْدُومٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بالنهي عن بيع الغرر وبيغ الْمُلَامَسَةِ وَغَيْرِهِمَا فَوَقَعَ الْإِجْمَالُ فِيهَا بِغَيْرِهَا قَالَ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْإِجْمَالِ عَلَى وَجْهَيْنِ

(أحدهما)

<<  <  ج: ص:  >  >>