غيره وقال كثيرون من الخراسانيون لِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ قَدِيمٌ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمِمَّنْ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَوَلَدُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَعَلَى هَذَا الْقَدِيمِ هل يعتق بِمَوْتِ السَّيِّدِ فِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا وَبِهِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ (وَأَصَحُّهُمَا) نَعَمْ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَالْمُدَبَّرِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَعْتِقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعْتِقَ مِنْ الثُّلُثِ قُلْتُ الْأَقْوَى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِتَأَكُّدِ حَقِّهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ إنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فَقَضَى قَاضٍ بِجَوَازِهِ فَطَرِيقَانِ
وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ فِي نَقْضِ قَضَائِهِ وَجْهَيْنِ
(وَالثَّانِي)
أَنَّهُ يُنْقَضُ وَجْهًا وَاحِدًا وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ وَلَمْ يُحْكَ غَيْرُهُ قَالُوا لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ الْآنَ وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ خِلَافٍ فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ ارْتَفَعَ وَصَارَ الْآنَ مُجْمَعًا عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَقَدْ حَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ دَاوُد جَوَازَ بَيْعِهَا مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى بُطْلَانِهِ الْآنَ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَدُّوا بِخِلَافِ دَاوُد وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ وَلَا خِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُمْ نَفَوْا الْقِيَاسَ وَشَرْطُ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالْقِيَاسِ وَقَالَتْ الشِّيعَةُ أَيْضًا بِجَوَازِ بَيْعِهَا وَلَكِنَّ الشِّيعَةَ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
* وَالْمُعْتَمَدُ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهَا وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّ الْإِجْمَاعَ بَعْدَ الْخِلَافِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَحِينَئِذٍ يُسْتَدَلُّ بِهَذَا الثَّابِتِ عَنْ عُمَرَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى نَسْخِ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي جَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ (مِنْهَا) حَدِيثُ جَابِرٍ قَالَ (بِعْنَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا) رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وفى رواية (قال كنا نبيع سرارينا أمهات أولاد وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ بَيْعَهَا كَانَ مُبَاحًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ النَّهْيُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute