الْمَذَاهِبِ لِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى
* وَاحْتُجَّ لِمَالِكٍ وَمُوَافِقِيهِ بِحَدِيثِ ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْهُ
* قَالَ (لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَايَعُونَ جِزَافًا يَعْنِي الطَّعَامَ فضربوا أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤوه إلَى رِحَالِهِمْ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
* وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يَقْبِضَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَحْسِبُ كل شئ مِثْلَهُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
* وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضه قال ابن عباس وأحسب كل شئ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكِيلَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى) وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا ابْتَعْتَ طَعَامًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالُوا فَالتَّنْصِيصُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ بِخِلَافِهِ قَالُوا وَقِيَاسًا عَلَى مَا مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَعَلَى إعْتَاقِهِ وَإِجَارَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَعَلَى بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ قَبْضِهِ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَالَ لَا تَبِعْ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ) وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ وَبِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تباع السلع حيث تبتاع حتى يجوزها التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ اسحق بن يسار عن أبى الزناد وابن اسحق مُخْتَلَفٌ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَالْمُدَلِّسُ إذَا قَالَ عَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُضَعِّفْ أَبُو دَاوُد هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ مَا لَمْ يُضَعِّفْهُ فَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَهُ فَلَعَلَّهُ اعْتَضَدَ عِنْدَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِسَمَاعِ ابْنِ اسحق لَهُ مِنْ أَبِي الزِّنَادِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الطَّعَامِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ مِنْ وَجْهَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّ هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِدَاخِلِ الْخِطَابِ وَالتَّنْبِيهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ مَعَ كَثْرَةِ الْحَاجَةِ إليه فغيره أولى
(وَالثَّانِي)
أَنَّ النُّطْقَ الْخَاصَّ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ وَهُوَ حَدِيثُ حَكِيمٍ وَحَدِيثُ زَيْدٍ (وَأَمَّا) قِيَاسُهُمْ عَلَى الْعِتْقِ فَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فَإِنْ سَلَّمْنَاهُ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْعِتْقَ لَهُ قُوَّةٌ وَسِرَايَةٌ وَلِأَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافٌ لِلْمَالِيَّةِ وَالْإِتْلَافُ قَبْضٌ (وَالْجَوَابُ) عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الثَّمَنِ أَنَّ فِيهِ
قَوْلَيْنِ فَإِنْ سَلَّمْنَاهُ فَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ مُسْتَقِرٌّ لَا يُتَصَوَّرُ تَلَفُهُ وَنَظِيرُ الْمَبِيعِ إنَّمَا هُوَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا بَيْعُ الْمِيرَاثِ وَالْمُوصَى بِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا مُسْتَقِرٌّ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute