وَسَبَقَ بَيَانُهُ
* وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا) رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ هَكَذَا مِنْ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ وَزَادَ (نَهَى عَنْ بَيْعِ الثُّنْيَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) قَالَ الترمذي وهو حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الترمذي والنسائي حسنة فانها مبينة لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ
* وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْقَفِيزِ وَأَنَّ الذِّرَاعَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ وَالتَّأْنِيثُ أفصح (وقوله) لان نَوْعٌ بِيعَ فَلَمْ يَصِحَّ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِهِ احْتِرَازٌ مِنْ شَرْطِ الثَّوَابِ فِي الْهِبَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
* (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِمِقْدَارِ الْمَبِيعِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) فَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ بَعْضَ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ بَعْضَ الْعَبْدِ أَوْ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (أَمَّا) إذَا قَالَ بِعْتُكَ صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَلَهُ حَالَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ يَعْلَمَا مَبْلَغَ صِيعَانِهَا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِذَا كَانَتْ الصُّبْرَةُ مِائَةَ صَاعٍ فَالْمَبِيعُ عُشْرُ عُشْرِهَا فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ
* وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي تَنْزِيلِهِ وَجْهَيْنِ
هَذَا (وَالثَّانِي) الْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْ الْجُمْلَةِ غَيْرُ مُشَاعٍ أَيُّ صَاعٍ كَانَ وَعَلَى هَذَا قَالُوا يَبْقَى الْمَبِيعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا لَمْ يُقَسَّطْ عَلَى
الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ (الْحَالُ الثَّانِي) إن كان لا يعلما أَوْ أَحَدُهُمَا مَبْلَغَ صِيعَانِهَا فَوَجْهَانِ
وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ فرق صيعانها وقال بِعْتُكَ صَاعًا مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى المذهب وبه قط الْأَصْحَابُ إلَّا الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ فَصَحَّحَهُ وَسَبَقَ نَقْلُهُ عَنْهُ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) يَصِحُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَطَوَائِفُ مِنْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومُ الْقَدْرِ فَصَارَ كالبيع بدرهم مطلق فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيُنَزَّلُ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ صِفَةَ الدِّرْهَمِ وَلَا وَزْنِهِ لِكَوْنِهِ مَعْرُوفًا وَكَذَا الصَّاعُ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُفْتِي بِالصِّحَّةِ مَعَ أَنَّهُ يَعْتَقِدُ الْبُطْلَانَ فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ الْمُسْتَفْتِي يَسْتَفْتِينِي عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا عَنْ اعْتِقَادِي (فَإِذَا قُلْنَا) بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ الصِّحَّةُ فَالْمَبِيعُ صَاعٌ مِنْهَا أَيُّ صَاعٍ كَانَ فَلَوْ تَلِفَ جَمِيعُهَا إلَّا صَاعًا تَعَيَّنَ الْعَقْدُ فِيهِ وَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ سَلَّمَ صَاعًا مِنْ أَعْلَاهَا وَإِنْ شَاءَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَإِنْ شَاءَ مِنْ جَوَانِبِهَا وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ بَاطِنِ الصُّبْرَةِ غَيْرَ مَرْئِيٍّ لِأَنَّ رؤية ظاهر الصبرة كرؤية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute