يَصِحَّ الْبَيْعُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ
* (فَرْعٌ)
فِيمَا إذَا كَانَ البيع فِيمَا لَا تَتَسَاوَى أَجْزَاؤُهُ كَالْأَرْضِ وَالدَّارِ وَالثَّوْبِ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) إذَا قَالَ بِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ سَوَاءٌ عَلِمَا ذُرْعَانَهَا أَمْ لَا كَمَا قُلْنَا فِي بَيْعِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ
* وَقَالَ الماوردي في الحاوى إنْ عَلِمَا ذُرْعَانَهَا صَحَّ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا الْبَصْرِيِّينَ يَجُوزُ كَالصُّبْرَةِ (وَالثَّانِي) وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا الْبَغْدَادِيِّينَ لَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْبَغْدَادِيِّينَ بَعْضَهُمْ (أَمَّا) إذَا قَالَ بِعْتُكَ رُبُعَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ ثُلُثَهَا فَيَصِحُّ قَطْعًا سَوَاءٌ عَلِمَا ذرعانها أم لَا وَإِنْ قَالَ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ كل ذراع بدرهم لم صح قطعا ولا يجئ فِيهِ الْوَجْهُ السَّابِقُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصُّبْرَةِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي صَاعٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الدَّارِ تَخْتَلِفُ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ
* وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنْ كَانَتْ ذُرْعَانُهَا مَجْهُولَةً لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الصُّبْرَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَاهُ الْآنَ مِنْ اخْتِلَافِ أَجْزَاءِ الدَّارِ دُونَ الصُّبْرَةِ وَإِنْ كَانَتْ ذُرْعَانُهَا مَعْلُومَةً لَهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ عِنْدَنَا وَحُمِلَ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِذَا كَانَتْ مِائَةَ ذِرَاعٍ كَانَ الْمَبِيعُ
عُشْرَهَا مُشَاعًا وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ (وَالصَّحِيحُ) الْمَشْهُورُ الصِّحَّةُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ أَذْرُعًا مُعَيَّنَةً فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ كَشَاةٍ مِنْ الْقَطِيعِ
* وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَرَدْت الْإِشَاعَةَ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ أَرَدْت مُعَيَّنًا فَفِيمَنْ يُصَدَّقُ احْتِمَالَانِ (أَرْجَحُهُمَا) يُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ مُفْسِدٍ لِلْعِقْدِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مُرَجَّحٌ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ صَحِيحَةً (وَأَمَّا) هُنَا فَيَتَرَجَّحُ جَانِبُ النَّاوِي لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (الثَّانِيَةُ) إذَا قَالَ فِي الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ بِعْتُكَ مِنْ هُنَا إلَى هُنَا صَحَّ الْبَيْعُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ وَقَفَ فِي وَسَطِهَا فَقَالَ بِعْتُكَ أَذْرُعًا ابْتِدَاؤُهَا مِنْ هُنَا وَلَمْ يُبَيِّنْ إلَى أَيِّ جِهَةٍ تُذْرَعُ لَمْ يَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ وَيَتَفَاوَتُ بِهِ الْغَرَضُ وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ هُنَا إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ فِي جَمِيعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute