سَبَقَ بَيَانُهُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَصِفَهُ أَوْ لَا يَصِفُهُ فَإِنْ رَآهُ فِي دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ خَرَجَ جَمِيعُهُ وَقُلْنَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَائِبِ فَفِي بَيْعِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِهِمَا (الْأَصَحُّ) الصِّحَّةُ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ وَلَا تُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ مُجْتَمَعًا إلَّا فِي لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ فِي نَادِرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ فَلَوْ اُشْتُرِطَتْ رُؤْيَتُهُ مُجْتَمَعًا لَامْتَنَعَ بَيْعُهُ غَالِبًا وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ
(وَالثَّانِي)
لَا يَصِحُّ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الِانْتِصَارِ
* فَلَوْ طَارَ لِيَرْعَى فَبَاعَهُ وَهُوَ طَائِرٌ وَعَادَتُهُ أَنْ يَعُودَ فِي آخِرِ النَّهَارِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَقَدْ رَآهُ قَبْلَ طَيَرَانِهِ فَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ (أَحَدُهُمَا) لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ فَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ كَالْحَمَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ الطَّيْرِ الْأَلُوفِ إذَا بَاعَهُ فِي حَالِ طَيَرَانِهِ (وَأَصَحُّهُمَا) يَصِحُّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ الْغَالِبَ عَوْدُهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَجَازَ بَيْعُهُ كَعَبْدٍ خَرَجَ لِقَضَاءِ شُغْلٍ وَيُخَالِفُ سَائِرَ الطُّيُورِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إمْسَاكُهَا وَحَبْسُهَا عَنْ الطَّيَرَانِ بِالْعَلَفِ في برجها (وأما) النحل فلابد مِنْ الطَّيَرَانِ لِيَرْعَى وَلَوْ حُبِسَ عَنْهُ تَلِفَ وَلَا يُمْكِنُ
الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا إذَا طَارَ وَاجْتَنَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَسَلُ وَالطَّيْرُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَحْبُوسًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي أَصْلِ بَيْعِ النَّحْلِ
* ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُهُ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ وَالْحَسَنُ
* وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ كَالزُّنْبُورِ وَالْحَشَرَاتِ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَجَازَ بَيْعُهُ كَالشَّاةِ بِخِلَافِ الزُّنْبُورِ وَالْحَشَرَاتِ فَإِنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أعلم
*
* قال المصنف رحمه الله
* (ولا يجوز بيع الحمل في البطن لما روي ابْنِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن المجر) والمجر اشتراء ما في الارحام ولانه قد يكون حملا وقد يكون ريحا وَذَلِكَ غَرَرٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَلَمْ يَجُزْ ولانه إن كان حملا فهو مجهول القدر ومجهول الصفة وَذَلِكَ غَرَرٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَلَمْ يَجُزْ
* وإن باع حيوانا وشرط أنه حامل ففيه قولان
(أحدهما)
ان البيع باطل لانه مجهول الوجود مجهول الصفة
(والثانى)
انه يجوز لان الظاهر انه موجود والجهل وبه لا يؤثر لانه لا تمكن رؤيته