لِمُنَافَاةِ مُقْتَضَاهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بِأَنْ يَشْرِطَ شَرْطًا وَاحِدًا أَوْ شَرْطَيْنِ
* وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَوْلًا غَرِيبًا حَكَاهُ أَبُو ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بِحَالٍ بَلْ يَلْغُو الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ لِقِصَّةِ بَرِيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهَذَا ضَعِيفٌ وَحِينَئِذٍ الْبَيْعُ عَكْسُ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَفِيهِ قَوْلٌ شَاذٌّ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِهَا فَإِذَا جَمَعَ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ حَصَلَ فِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَحَدُهَا) يَفْسُدَانِ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ (وَالثَّانِي) لَا (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَشْهُورُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ دُونَ النِّكَاحِ وَالتَّفْرِيعُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
* وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي بَابِهِ
* هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا وَكَانَ الشَّرْطُ مِمَّا لَا يُفْرَدُ بِالْعَقْدِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُفْرَدُ كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ فَهَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِفَسَادِهِمَا فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِمَا (أَصَحُّهُمَا) يَفْسُدُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ
(وَالثَّانِي)
لَا كَالصَّدَاقِ الْفَاسِدِ لَا يَفْسُدُ بِهِ النِّكَاحُ
* (فَرْعٌ)
إذَا بَاعَ دَارًا وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ سُكْنَاهَا أَوْ دَابَّةً وَاسْتَثْنَى ظَهْرَهَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ
الْمُدَّةَ الْمُسْتَثْنَاةَ وَيَعْلَمَا قَدْرَهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ بَيَّنَّاهَا فَطَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْعِرَاقِيُّونَ فساد البيع
(والثانى)
فيه وجهان حكاهما الخراسانيون (أَصَحُّهُمَا) هَذَا
(وَالثَّانِي)
يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالشَّرْطُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَقِصَّةِ جَمَلِهِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ هَذَا الْوَجْهَ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ
* (فَرْعٌ)
لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا بَطَلَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ فَهُوَ شَرْطٌ مُنَافٍ لِمُقْتَضَاهُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْبَدَاءَةَ فِي التَّسْلِيمِ بِمَنْ (فَإِنْ قُلْنَا) بِالْبَائِعِ لَمْ يَفْسُدْ والا فيفسد للمنافاة
*
(فصل)
مَتَى اشْتَرَى شَيْئًا شِرَاءً فَاسِدًا لِشَرْطٍ مُفْسِدٍ أَوْ لِسَبَبٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبْضُهُ فَإِنْ قَبَضَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْقَبْضِ سَوَاءٌ عَلِمَ فَسَادَ الْبَيْعِ أَمْ لَا وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ كَالْمَغْصُوبِ وَكَالْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ حَبْسُهُ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ وَلِأَنَّهُ يُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ (١) وَفِيهِ قَوْلٌ غَرِيبٌ وَوَجْهٌ لِلْإِصْطَخْرِيِّ أَنَّ لَهُ حَبْسَهُ وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ لِلْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ أَمْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِي الِانْتِفَاعِ به فضمن أجرته كالمغصوب
(١) كذا بالاصل