للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ (الثَّانِي) جَوَابُ القاضى أبو الطَّيِّبِ وَآخَرِينَ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِنَّ الْمِيزَانَ نَفْسَهُ لَا رِبَا فِيهِ وَأَضْمَرْتُمْ فِيهِ الْمَوْزُونَ وَدَعْوَى الْعُمُومِ فِي الْمُضْمَرَاتِ لَا يَصِحُّ (الثَّالِثِ) أَنَّهُ يُحْمَلُ الْمَوْزُونُ عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَأَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِمْ لَا فَائِدَةَ فِي الْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ بِأَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ التَّعْلِيلِ بِهَا فَإِنَّ الْعِلَلَ أَعْلَامٌ نَصَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْأَحْكَامِ مِنْهَا مُتَعَدِّيَةٌ وَمِنْهَا غَيْرُ مُتَعَدِّيَةٍ إنَّمَا يُرَادُ مِنْهَا بَيَانُ حِكْمَةِ النَّصِّ لَا الِاسْتِنْبَاطُ وَإِلْحَاقُ فَرْعٍ بِالْأَصْلِ كَمَا أَنَّ الْمُتَعَدِّيَةَ عَامَّةُ التَّعَدِّي وَخَاصَّتُهُ

* ثُمَّ لِغَيْرِ الْمُتَعَدِّيَةِ فَائِدَتَانِ (إحْدَاهُمَا) أَنْ تَعْرِفَ أَنَّ الْحُكْمَ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا فَلَا تَطْمَعُ فِي الْقِيَاسِ (وَالثَّانِيَةُ) أَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ مَا يُشَارِكُ الْأَصْلَ فِي الْعِلَّةِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَأَجَابُوا عَنْ الْفُلُوسِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَنَا كَوْنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جِنْسَ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وليست الفلوس كذلك فانها وان كانت ثمنا في بعض البلاد فليست من جِنْسَ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

(وَأَمَّا) دَاوُد وَمُوَافِقُوهُ فَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) وبقوله (إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) وَبِأَنَّ أَصْلَ الِاسْتِثْنَاءِ الْإِبَاحَةُ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (كُنْت أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُزَابَنَةِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ تمر حَائِطِهِ إنْ كَانَ نَخْلًا بِتَمْرٍ كَيْلًا وَإِنْ كان كرما أن بيعه بِزَبِيبٍ كَيْلًا وَإِنْ كَانَ زَرْعًا أَنْ يَبِيعَهُ بكيل طعام نهى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَالَ أَصْحَابُنَا الطَّعَامُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى طَعَامًا (فَإِنْ قِيلَ) فَقَدْ خَصَّهُ بِالْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ (قُلْنَا) ذِكْرُ بَعْضِ ما يتناوله الْعُمُومُ لَيْسَ تَخْصِيصًا عَلَى الصَّحِيحِ (فَإِنْ قِيلَ) الطَّعَامُ مَخْصُوصٌ بِالْحِنْطَةِ (قُلْنَا) هَذَا غَلَطٌ بَلْ هُوَ عَامٌّ لِكُلِّ مَا يُؤْكَلُ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نفسه) وقال تعالى (فلينظر الانسان إلى طعامه) إلَى قَوْله تَعَالَى (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا) الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مني ومن لم يطعمه فانه منى) وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِهِ الطَّوِيلِ فِي قِصَّةِ إسْلَامِهِ قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُك قُلْت مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إلَّا مَاءَ زَمْزَمَ فَسَمِنْت حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي قَالَ إنَّهَا مُبَارَكَةٌ إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

* وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (مَكَثْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمانا مالنا طعام الا الا سودان الْمَاءُ وَالتَّمْرُ رَوَاهُ) (١) وَالْجَوَابُ عَنْ الْآيَتَيْنِ أَنَّهُمَا عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا (وَقَوْلُهُمْ) أَصْلُ الْأَشْيَاءِ الاباحة ليس كذلك بل مذهب داود


(١) بياض بالاصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>