(الشَّرْحُ) اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ جِنْسُ الْجُلُودِ بَلْ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجُلُودِ وَاللُّبُودِ وَالْخِرَقِ الْمُطْبَقَةِ وَالْخَشَبِ وَغَيْرِهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِبَاحَةِ الْحَاجَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْخُفِّ كَوْنُهُ قَوِيًّا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ قَالُوا وَمَعْنَى ذَلِكَ أن يمكن المشى عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعِ النُّزُولِ وَعِنْدَ الْحَطِّ وَالتَّرْحَالِ وَفِي الْحَوَائِجِ الَّتِي يَتَرَدَّدُ فِيهَا فِي الْمَنْزِلِ وَفِي الْمُقِيمِ نَحْوُ ذَلِكَ كَمَا جَرَتْ عَادَةُ لَابِسِي الْخِفَافِ وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ مُتَابَعَةِ الْمَشْيِ فَرَاسِخَ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا: وَأَمَّا الْمُخَرَّقُ فَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ إحْدَاهَا أَنْ يَكُونَ الْخَرْقُ فَوْقَ الْكَعْبِ فَلَا يَضُرُّ وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عليه فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِمَا وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ (الثَّانِيَةُ) يَكُونُ الْخَرْقُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ وَهُوَ فَاحِشٌ لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ فَلَا يجوز المسح بلا خلاف (الثالثة) يَكُونُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ وَلَكِنَّهُ يَسِيرٌ جِدًّا بحيث لا يظهر منه شئ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَذَلِكَ كَمَوَاضِعِ الْخَرْزِ فَيَجُوزُ الْمَسْحُ بِلَا خِلَافٍ
قَالَ الْقَاضِي حسين وغيره ما يبقي مِنْ مَوَاضِعِ الْخَرْزِ لَا يَضُرُّ وَإِنْ نَفَذَ مِنْهُ الْمَاءُ (الرَّابِعَةُ) يَكُونُ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ يظهر منه شئ مِنْ الرِّجْلِ وَيُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ فَفِيهِ القولان المذكوران في الكتاب وهما مشهور ان أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْجَدِيدِ وَسَوَاءٌ حَدَثَ الْخَرْقُ بَعْدَ اللُّبْسِ أَوْ كَانَ قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُقَدَّمِ الْخُفِّ أَوْ مُؤَخَّرِهِ أَوْ وَسَطِهِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَإِنْ تَخَرَّقَ من مقدم الخف شئ فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّقْيِيدَ بِالْمُقَدَّمِ بَلْ ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ كَذَا أَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْهُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالرُّويَانِيُّ أَرَادَ مَوْضِعَ الْقَدَمِ وَلَمْ يُرِدْ الْمُقَدَّمَ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْمُؤَخَّرِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَمَا لَوْ انْكَشَفَتْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَاسْتَتَرَتْ الْأُخْرَى فَقِيَاسٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ مِنْ أُصُولِ الْبَابِ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ لَبِسَ خُفًّا فِي رِجْلٍ دون الاخرى ومسح عليه وغسل الاخر لَمْ يَجُزْ بِلَا خِلَافٍ وَسَنُوَضِّحُهَا مَقْصُودَةً بِتَفْرِيعِهَا فِي الْمَسَائِلِ الزَّائِدَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الْخُفِّ الْمُخَرَّقِ خَرْقًا فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ الْجَدِيدَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute