للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشَّرْحُ) هَذَا الْخِلَافُ مَشْهُورٌ فِي الْمَذْهَبِ وَعِبَارَةُ الْأَصْحَابِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ يَقُولُونَ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ لَا يَجُوزُ (١) وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ صِحَّةُ الْمَسْحِ وَبِهِ قَطَعَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ كَالصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ وَالذَّبْحِ بِسِكِّينٍ مَغْصُوبٍ وَالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ مَغْصُوبَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ عَصَى بِالْفِعْلِ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الْآنِيَةِ بَيَانُ هَذَا مَعَ غَيْرِهِ وَأَشَارَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا إلَى تَرْجِيحِ مَنْعِ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْمَسْحَ إنَّمَا جَازَ لِمَشَقَّةِ النَّزْعِ وَهَذَا عَاصٍ بِتَرْكِ النَّزْعِ وَاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْذَرَ وَلِأَنَّهُ يَعْصِي بِاللُّبْسِ أَكْثَرَ مِنْ الْإِمْسَاكِ وَلِأَنَّ تَجْوِيزَهُ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِهِ بِالْمَسْحِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا وَالْجُلُوسَ سَوَاءٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ بالمإ فَقَدْ أَتْلَفَهُ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الصِّحَّةَ (قُلْتُ) لِلْآخَرِينَ أَنْ يُفَرِّقُوا بِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ فَلَا تُسْتَفَادُ بِالْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَيُقَاسُ عَلَى التَّيَمُّمِ بِتُرَابٍ مَغْصُوبٍ حَيْثُ لَا يَجِبُ كَالتَّيَمُّمِ لِنَافِلَةٍ فَإِنَّهُ رُخْصَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ لَا يَجُوزُ وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ فَمَعْنَاهُ قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ لَا يَصِحُّ وَلَا يَسْتَبِيحُ

بِهِ شَيْئًا وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا يَصِحُّ وَيَسْتَبِيحُ بِهِ الصَّلَاةَ وَغَيْرَهَا فَأَرَادَ بِالْجَوَازِ الصِّحَّةَ وَإِلَّا فَالْفِعْلُ حَرَامٌ بِلَا شَكَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

لَوْ لَبِسَ خُفَّ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ وَهَلْ يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فِيهِ الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ فِي الْمَغْصُوبِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِالْمَنْعِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ تَحْرِيمَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِ الْخُفِّ فَصَارَ كَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ وَلَوْ لَبِسَ الرَّجُلُ خُفًّا مِنْ حَرِيرٍ صَفِيقٍ يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالذَّهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ مِنْ جِلْدِ كَلْبٍ (٢) أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَذَا لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ إلَّا بَعْدَ غَسْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَفَائِدَةُ الْمَسْحِ وَإِنْ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الصَّلَاةِ فَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الصَّلَاةُ وَمَا عَدَاهَا مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَغَيْرِهِ كَتَبَعٍ لَهَا وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عن الرجل ولو


(١) صحح ابن الصباغ المنع ايضا اه اذرعي (٢) قال الرافعي في شرحه الصغير هنا ما لفظه ولو اتخذ خفا من جلد الكلب أو الميتة فهو نجس العين ولا يحل لبسه في اصح القولين ونص في الام انه لا يجوز المسح عليه وهذا غريب اعني حكاية الخلاف في جواز ليس جلد الكلب الا ان يؤول كلامه وفي تأويله بعد اه اذرعي

<<  <  ج: ص:  >  >>