للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الشَّرْحُ) الْيَسَارُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ الْفَتْحُ أَفْصَحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَهُمْ ابْنُ دُرَيْدٍ وَهَذَا الْأَدَبُ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ التَّكْرِيمِ بُدِئَ فِيهِ بِالْيُمْنَى وَخِلَافُهُ بِالْيَسَارِ وَقَدْ قَدَّمْتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ بِأَمْثِلَتِهَا وَدَلَائِلِهَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ فِي فَصْلِ غَسْلِ الْيَدِ وَفِي اخْتِصَاصِ هَذَا الْأَدَبِ بِالْبُنْيَانِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ يَخْتَصُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرِينَ وَأَصَحُّهُمَا لَا يَخْتَصُّ صَرَّحَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ فِي كُتُبِهِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ قَالَ فَيُقَدِّمُ فِي الصَّحْرَاءِ رِجْلَهُ الْيُسْرَى إذَا بَلَغَ مَوْضِعَ جُلُوسِهِ وَإِذَا فرغ قدم اليمنى في انصرافه * قال المصنف رحمه الله

* [وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ أَبْعَدَ لِمَا رَوَى الْمُغِيرَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ إذَا ذَهَبَ إلَى الغائط ابعد) ويستتر عن العيون بشئ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَتِرْ به]

* [الشَّرْحُ] حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدَيْهِمَا وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَعَنْ الْمُغِيرَةِ أَيْضًا قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتُهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَرَادَ الْبَرَازَ

انْطَلَقَ حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ يَسِيرٌ وَسَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَهُ: وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَحَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (كَانَ أَحَبَّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدَفٌ أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْحَائِشُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْحَائِطُ وَالْكَثِيبُ بالثاء المثلثة قطعة من الرمل مستطيلة محدودبة تُشْبِهُ الرَّبْوَةَ وَهَذَانِ الْأَدَبَانِ مُتَّفَقٌ عَلَى اسْتِحْبَابِهِمَا وَجَاءَ فِيهِمَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جَمَعْتُهَا فِي جَامِعِ السُّنَّةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَحْصُلُ هَذَا التَّسَتُّرُ بِأَنْ يَكُونَ فِي بِنَاءٍ مُسَقَّفٍ أَوْ مُحَوَّطٍ يُمْكِنُ سَقْفُهُ أَوْ يَجْلِسَ قَرِيبًا مِنْ جِدَارٍ وَشِبْهِهِ وَلْيَكُنْ السَّاتِرُ قَرِيبًا مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>