بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ أَوْدِيَةً وَجِبَالًا وَأَبْنِيَةً
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِمْ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وبحدث ابن عمر رضى لله عَنْهُمَا قَالَ (رَقَيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ مُسْتَدْبِرًا الْكَعْبَةَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ: وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (نَهَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِبَوْلٍ فَرَأَيْتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ بِعَامٍ يَسْتَقْبِلُهَا) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَهَذَا لَفْظُهُمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَعَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ قَالَ (رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إلَيْهَا فَقُلْنَا يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا قَالَ بَلَى إنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ فَإِذَا كَانَ
بَيْنَك وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ شئ يسترك فلا بأس) رواه أبو داود والدارقطني وَالْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ وَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلِأَنَّهُ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ فِي اجْتِنَابِ الْقِبْلَةِ فِي الْبِنَاءِ دُونَ الصَّحْرَاءِ فَإِنْ قَالُوا خَصُّوا الْجَوَازَ بِمَنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ قُلْنَا الرُّخْصَةُ تَرِدُ لِسَبَبٍ ثُمَّ تَعُمُّ كَالْقَصْرِ وَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ تَعَارَضَتْ فِي المنع والجواز فوجب الجمع بينها ويحصل الجمع بينها بِمَا قُلْنَاهُ فَإِنَّهَا جَاءَتْ عَلَى فِقْهٍ وَلَا تَكَادُ تَحْصُلُ بِغَيْرِهِ: وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا فَهُوَ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ كَانَ بِالصَّحْرَاءِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ: وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا انه شك في عموم النهي فاحتاط الاستغفار وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا مَذْهَبُهُ وَلَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرِيحًا وَقَدْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا سَبَقَ: وَأَمَّا قَوْلُهُمْ الْمَنْعُ لِحُرْمَةِ الْقِبْلَةِ وَمَا بَعْدَهُ فَجَوَابُهُ أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالْفَرْقِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قِيَاسٍ وَمَعْنًى يُخَالِفُهُ: وَمَعَ هَذَا فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ تَلْحَقُ فِي الْبِنَاءِ دُونَ الصَّحْرَاءِ
* وَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ مُطْلَقًا بِحَدِيثَيْ جَابِرٍ وَعَائِشَةَ قَالُوا وَهُمَا نَاسِخَانِ لِلنَّهْيِ قَالُوا وَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ تَعَارَضَتْ فَرَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ السَّابِقَةَ صَحِيحَةٌ فَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهَا بَلْ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute