للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ ولا يستدبرها ولا يستطيب بِيَمِينِهِ وَكَانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَيَنْهَى عَنْ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ) حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ وَهَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنَّمَا أنا لكم بمنزلة الوالد) فيه تفسير أن ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ الْحَاوِي وَآخَرُونَ أَظْهَرُهُمَا وَلَمْ يَذْكُرْ الخطابي غيره أَنَّهُ كَلَامُ بَسْطٍ وَتَأْنِيسٍ لِلْمُخَاطَبِينَ لِئَلَّا يَسْتَحْيُوا عَنْ مَسْأَلَتِهِ فِيمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ دينهم لاسيما مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَوْرَاتِ وَنَحْوِهَا فَقَالَ أَنَا كَالْوَالِدِ فلا تستحيوا منى في شئ من ذلك كما لاتستحيون مِنْ الْوَالِدِ: وَالثَّانِي مَعْنَاهُ يَلْزَمُنِي تَأْدِيبُكُمْ وَتَعْلِيمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ كَمَا يَلْزَمُ الْوَالِدَ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كَالْوَالِدِ فِي الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَفِي ثَالِثٍ أَيْضًا وَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى مَصْلَحَتِكُمْ والشفقة عليكم والله أعلم

* أما حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْأَصْحَابُ يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَمِينِ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَلَا يَحْرُمُ هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْجُمْهُورُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَسَارِهِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِيَمِينِهِ نَهْيَ

تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَمِينِ مَكْرُوهٌ غَيْرُ مُحَرَّمٍ قَالَ وَحَرَّمَهُ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَآخَرُونَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيَسَارِ أَدَبٌ وَلَيْسَ الْيَمِينُ مَعْصِيَةً وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَسَارِهِ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَآخَرُونَ يُكْرَهُ بِالْيَمِينِ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ وَالْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ النَّهْيُ عَنْ الْيَمِينِ نَهْيُ تَأْدِيبٍ وَعِبَارَاتُ الْجُمْهُورِ مِمَّنْ لَمْ أَذْكُرْهُمْ نَحْوُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ النَّهْيُ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ نَهْيُ تَأْدِيبٍ وَتَنْزِيهٍ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>