وَإِنْ قُلْنَا بِالْخُرُوجِ فَهَلْ تُغَسَّلُ فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي غُسْلِ الْجُنُبِ الشَّهِيدِ: فَحَصَلَ فِي الْخِلَافِ فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا مَسْأَلَةُ الشَّهِيدِ: وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ الْحَائِضِ إذَا أَجْنَبَتْ: فَإِنْ قِيلَ الْحَائِضُ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ يُبَاحُ لَهَا الْقِرَاءَةُ سَوَاءٌ قُلْنَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ أَمْ بِانْقِطَاعِهِ فَيَنْبَغِي إذَا أَجْنَبَتْ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْحُكْمُ: فَالْجَوَابُ أَنَّا إذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ فَأَجْنَبَتْ فَهَذِهِ امْرَأَةٌ جُنُبٌ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا إلَّا لِلْجَنَابَةِ فَإِذَا اغْتَسَلَتْ لَهَا ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهَا وَبَقِيَتْ حَائِضًا مُجَرَّدَةً فَتُبَاحُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَدِيمِ وَإِذَا قُلْنَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْخُرُوجِ فَاغْتَسَلَتْ لِلْجَنَابَةِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهَا لِأَنَّ عَلَيْهَا غُسْلَيْنِ غُسْلُ حَيْضٍ وَغُسْلُ جَنَابَةٍ وَغُسْلُ الْحَيْضِ لَا يُمْكِنُ صِحَّتُهُ مَعَ جَرَيَانِ الدَّمِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ غُسْلُ الْحَيْضِ لَمْ يَصِحَّ غُسْلُ الْجَنَابَةِ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَدَثَانِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْتَفِعَ أَحَدُهُمَا وَيَبْقَى الْآخَرُ كَمَنْ أَحْدَثَ بِنَوْمٍ مَثَلًا ثُمَّ شَرَعَ فِي الْبَوْلِ وَتَوَضَّأَ فِي حَالِ بَوْلِهِ عَنْ النَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا شَكٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ لَوْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ قُبُلَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِصِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ وَفِي وَقْتِهِ لِجَوَازِ أَنَّهُ رَجُلٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَتَغْتَسِلُ الْحَائِضُ إذَا طَهُرَتْ وَالنُّفَسَاءُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ قِيلَ لَا مَعْنَى لِتَغْيِيرِ الْعِبَارَةِ فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إلَّا تَحْسِينَ اللَّفْظِ وَقِيلَ هِيَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ لَا يَتَقَدَّرُ أَقَلُّهُ فَمَتَى ارْتَفَعَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَإِنْ قَلَّ وَجَبَ الْغُسْلُ وَدَمُ الْحَائِضِ لَوْ ارْتَفَعَ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَكُونُ حيضا ولا غسل * قال المصنف رحمه الله
* [وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَلَدًا وَلَمْ تَرَ دَمًا فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ: وَالثَّانِي لَا يَجِبُ لانه لا يسمى منيا]
* [الشَّرْحُ] هَذَانِ الْوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ فِي الطَّرِيقَتَيْنِ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْمُخْتَصَرَاتِ وَشَذَّ الشَّاشِيُّ فَصَحَّحَ عَدَمَ الْوُجُوبِ: ثُمَّ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ
ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ هُنَا وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الْحَيْضِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَبِعَدَمِهِ قَوْلُ أبى علي ابن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute