للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ وَعِنْدِي فِي هَذَا تَفْصِيلٌ فَذَكَرَ نحو كلام القاضى والله أعلم: قال المصنف رحمه الله

* [وَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غُسْلٌ فِي حَالِ الْكُفْرِ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْتَسِلَ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ يَغْتَسِلَ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُسْلِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ فِي حَالِ الْكُفْرِ وَلَمْ يَغْتَسِلْ لَزِمَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ وَإِنْ كَانَ قَدْ اغْتَسَلَ فِي حَالِ الْكُفْرِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ إعَادَتُهُ لِأَنَّهُ غُسْلٌ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ انه تعلق به اباحة الوطئ فِي حَقِّ الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ فَلَمْ تَجِبْ اعادته كغسل المسلمة: وَالثَّانِي تَجِبُ إعَادَتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْ الْكَافِرِ فِي حَقِّ اللَّهِ تعالى كالصوم والصلاة]

* [الشَّرْحُ] حَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ هَذَا: قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَيْسٌ هَذَا مِنْ سَادَاتِ الْعَرَبِ كُنْيَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ وَقِيلَ أَبُو قَبِيصَةُ وَقِيلَ أَبُو طَلْحَةَ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ سَنَةَ تِسْعٍ مِنْ الْهِجْرَةِ فَأَسْلَمَ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ وَكَانَ حَلِيمًا عَاقِلًا قِيلَ لِلْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ مِمَّنْ تَعَلَّمْت الْحِلْمَ قَالَ مِنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ اُحْتُرِزَ بِعِبَادَةٍ عَنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ وَبِمَحْضَةٍ عَنْ الْعِدَّةِ وَالْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ فَلَمْ تَصِحَّ مِنْ الْكَافِرِ فِي حَقِّ اللَّهِ احْتِرَازٌ مِنْ غُسْلِ الْكَافِرَةِ الَّتِي طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ وَيَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ لَكِنْ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ: أَمَّا أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَفِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا إذَا أَجْنَبَ الْكَافِرُ ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ: نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ: وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِ اللَّهِ تعال (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا

يُغْفَرْ لَهُمْ ما قد سلف) وَلِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَهُمْ الزَّوْجَاتُ وَالْأَوْلَادُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغُسْلِ وُجُوبًا وَلَوْ وَجَبَ لامرهم به وهذا الوجه ليس بشئ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبُولَ ثُمَّ يُسْلِمَ أَوْ يُجْنِبَ ثُمَّ يُسْلِمَ: وَأَمَّا الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ وَالْحَدِيثُ فَالْمُرَادُ بِهِمَا غُفْرَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>