للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَنْ قَالَ (حَسْبُك) قَالَ فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ وَطَرِيقُهُ فِي تَحْصِيلِ الْبُكَاءِ أَنْ يَتَأَمَّلَ مَا يَقْرَؤُهُ مِنْ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ وَالْمَوَاثِيقِ وَالْعُهُودِ ثُمَّ يُفَكِّرُ فِي تَقْصِيرِهِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ عِنْدَ ذَلِكَ حُزْنٌ وَبُكَاء فَلْيَبْكِ عَلَى فَقْدِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَصَائِبِ: وَيُسَنُّ تَرْتِيلُ الْقِرَاءَةِ: قَالَ الله تعالى (ورتل القرآن ترتيلا) وَثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مُرَتَّلَةً وَاتَّفَقُوا عَلَى كَرَاهَةِ الْإِفْرَاطِ فِي الْإِسْرَاعِ وَيُسَمَّى الْهَذُّ قَالُوا وَقِرَاءَةُ جُزْءٍ بِتَرْتِيلٍ أَفْضَلُ مِنْ قراءة جزءين فِي قَدْرِ ذَلِكَ الزَّمَنِ بِلَا تَرْتِيلٍ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالتَّرْتِيلُ مُسْتَحَبٌّ لِلتَّدَبُّرِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجْلَالِ وَالتَّوْقِيرِ وَأَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي الْقَلْبِ وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ التَّرْتِيلُ لِلْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَفْهَمُ مَعْنَاهُ وَيُسْتَحَبُّ إذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْ الْعَذَابِ أَوْ مِنْ الشَّرِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِذَا مَرَّ بِآيَةِ تَنْزِيهٍ لله تعالى نزه فقال تبارك الله أوجلت عَظَمَةُ رَبِّنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ: وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ قَارِئٍ سَوَاءٌ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَهَا وَسَوَاءٌ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَنَبْسُطُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَلَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالْأَعْجَمِيَّةِ سواء أحسن العربية أم لا سواء كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ خَارِجَهَا وَتَجُوزُ بِالْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ وَلَا تَجُوزُ بِالشَّوَاذِّ وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَوْلَى

أَنْ يَقْرَأَ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ سَوَاءٌ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ أَمْ خَارِجَهَا وَإِذَا قَرَأَ سُورَةً قَرَأَ بَعْدَهَا الَّتِي تَلِيهَا لِأَنَّ تَرْتِيبَ الْمُصْحَفِ لِحِكْمَةٍ فَلَا يَتْرُكْهَا إلَّا فِيمَا وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهِ بِالتَّفْرِيقِ كَصَلَاةِ الصبح يوم الجمعة (بآلم) (وهل أتي) وصلاة العيد (بق) (وَاقْتَرَبَتْ) وَنَظَائِرُ ذَلِكَ فَلَوْ فَرَّقَ أَوْ عَكَسَ جَازَ وَتَرَكَ الْأَفْضَلَ وَأَمَّا قِرَاءَةُ السُّورَةِ مِنْ آخِرِهَا إلَى أَوَّلِهَا فَمُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ وَذَمِّهِ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ بَعْضَ أَنْوَاعِ الْإِعْجَازِ وَيُزِيلُ حِكْمَةَ التَّرْتِيبِ وَأَمَّا تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ مِنْ آخِرِ الْخَتْمَةِ إلَى أَوَّلِهَا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ يَقَعُ في أيام

*

<<  <  ج: ص:  >  >>