فَصْلٌ الْمُزَنِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ أَئِمَّةٌ مُجْتَهِدُونَ وَهُمْ مَنْسُوبُونَ إلَى الشَّافِعِيِّ: فَأَمَّا الْمُزَنِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ فَصَاحِبَانِ لِلشَّافِعِيِّ حَقِيقَةً وَابْنُ الْمُنْذِرِ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُمَا: وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُهَذَّبِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَصْحَابِ الْوُجُوهِ وَجَعَلَ أَقْوَالَهُمْ وُجُوهًا فِي الْمَذْهَبِ وَتَارَةً يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ وُجُوهًا وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ إيرَادُهُ إيَّاهَا فَإِنَّ عَادَتَهُ فِي الْمُهَذَّبِ أَنْ لَا يَذْكُرَ أَحَدًا مِنْ الائمة أصحاب المذاهب غير أصحابنا الا في نَحْوَ قَوْلِهِ يُسْتَحَبُّ كَذَا لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مُجَاهِدٍ أَوْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَوْ الزُّهْرِيِّ أَوْ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَشِبْهِ ذَلِكَ: وَيَذْكُرُ قَوْلَ أَبِي ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيِّ وَابْنِ الْمُنْذِرِ ذِكْرَ الْوُجُوهِ وَيَسْتَدِلُّ لَهُ وَيُجِيبُ عَنْهُ: وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِنْ النِّهَايَةِ إذَا انْفَرَدَ الْمُزَنِيّ بِرَأْيٍ فَهُوَ صَاحِبُ مَذْهَبٍ وَإِذَا خَرَّجَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلًا فَتَخْرِيجُهُ أَوْلَى مِنْ تَخْرِيجِ غَيْرِهِ وَهُوَ مُلْتَحِقٌ بِالْمَذْهَبِ لَا مَحَالَةَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ حَسَنٌ لَا شَكَّ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ
* فَرْعٌ ان استغرب من لا انس له بالمهذب الْمَوْضِعَ الَّذِي صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ فِيهِ بِأَنَّ أَبَا ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ مِنْ أَصْحَابِنَا دَلَّلْنَاهُ وَقُلْنَا ذُكِرَ فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ نَاقِصَ الْقِيمَةِ دُونَ الْعَيْنِ أَنَّ أَبَا ثَوْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ نَحْوَهُ في ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ فَصْلٍ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَةً أُخْرَى
* فَرْعٌ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ أَبِي ثَوْرٍ لَكِنَّهُ لَا يُنْصِفُهُ فَيَقُولُ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَذَا وَهُوَ خَطَأٌ
وَالْتَزَمَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي أَقْوَالِهِ وَرُبَّمَا كَانَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ أَقْوَى دَلِيلًا مِنْ الْمَذْهَبِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ: وَأَفْرَطَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ حَتَّى فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ الصَّحَابِيِّ رضي الله عنه الذى محله من الْفِقْهِ وَأَنْوَاعِ الْعِلْمِ مَعْرُوفٌ قَلَّ مَنْ يُسَاوِيهِ فِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ لَا سِيَّمَا الْفَرَائِضُ فَحَكَى عَنْهُ فِي بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ مَذْهَبَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَعْرُوفَةِ بِمُرَبَّعَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا خَطَأٌ: وَلَا يَسْتَعْمِلُ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ غَالِبًا فِي آحَادِ أَصْحَابِنَا أَصْحَابِ الْوُجُوهِ الَّذِينَ لَا يُقَارِبُونَ أَبَا ثَوْرٍ وربما كانت أو جههم ضَعِيفَةً بَلْ وَاهِيَةً وَقَدْ أَجْمَعَ نَقَلَةُ الْعِلْمِ عَلَى جَلَالَةِ أَبِي ثَوْرٍ وَإِمَامَتِهِ وَبَرَاعَتِهِ فِي الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَحُسْنِ مُصَنَّفَاتِهِ فِيهِمَا مَعَ الْجَلَالَةِ وَالْإِتْقَانِ: وَأَحْوَالُهُ مَبْسُوطَةٌ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَفِي الطَّبَقَاتِ رَحِمَهُ اللَّهُ
* فَهَذَا آخِرُ مَا تَيَسَّرَ من المقدمات ولولا خَوْفُ إمْلَالِ مُطَالِعِهِ لَذَكَرْتُ فِيهِ مُجَلَّدَاتٍ
* مِنْ النفايس الْمُهِمَّةِ وَالْفَوَائِدِ الْمُسْتَجَادَّاتِ
* لَكِنَّهَا تَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُفَرَّقَةً فِي مَوَاطِنِهَا مِنْ الْأَبْوَابِ: وَأَرْجُو اللَّهَ النَّفْعَ بِكُلِّ مَا ذَكَرْتُهُ وَمَا سأذكره ان شاء الله لي ولوالدي ومشايخي وسائر أحبايي وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ إنَّهُ الْوَاسِعُ الْوَهَّابُ وَهَذَا حِينَ أَشْرَعُ فِي شَرْحِ أَصْلِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute