للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَذْكُرُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ التَّسْمِيَةَ وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي كُتُبِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ اسْتَغْنَوْا بِقَوْلِهِمْ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ لِأَنَّ وُضُوءَ الصَّلَاةِ يُسَمَّى فِي أَوَّلِهِ: وَيَنْوِي الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْ الغسل لاستباحة مالا يُسْتَبَاحُ إلَّا بِالْغُسْلِ كَالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدُ فَإِنْ نَوَى لِمَا يُبَاحُ بِلَا غُسْلٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُنْدَبُ لَهُ الْغُسْلُ كَلُبْسِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ غُسْلُهُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْغُسْلُ كَالْمُرُورِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَنَحْوِهِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ أَصَحُّهُمَا لَا يُجْزِئُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بَيَانُ صِفَةِ النِّيَّةِ وَمَحَلِّهَا وَهُوَ الْقَلْبُ

وَوَقْتِهَا وَهُوَ أَنَّ وَاجِبَهُ عِنْدَ أَوَّلِ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ: وَيُسْتَحَبُّ اسْتِدَامَتُهَا إلَى الْفَرَاغِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إلَّا عِنْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ أَجْزَأَهُ وَلَا يُثَابُ عَلَى مَا قَبْلِهَا مِنْ التَّسْمِيَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ: وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي ثَوَابِهِ وَجْهَانِ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الْوُضُوءِ: وَلَوْ نَوَتْ الْمُغْتَسِلَةُ مِنْ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ اسْتِبَاحَةَ وطئ الزَّوْجِ فَفِي صِحَّةِ غُسْلِهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ سَبَقَتْ فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ: وَأَمَّا صِفَةُ الْغُسْلِ فَهِيَ كَمَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَدَلِيلُهَا الْحَدِيثُ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ نَقَلُوا لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَيْنِ فِي هَذَا الْوُضُوءِ:

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّهُ يُكْمِلُهُ كُلَّهُ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ: (وَالثَّانِي) أَنَّهُ يُؤَخِّرُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ نَصِّهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَكَذَا رَأَيْتُهُ أَنَا فِي الْبُوَيْطِيِّ صَرِيحًا وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الْأَفْضَلِ وَإِلَّا فَكَيْفَ فَعَلَ حَصَلَ الْوُضُوءُ وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرَانِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي رِوَايَاتِ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ أَكْمَلَ الْوُضُوءَ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَفِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِ مَيْمُونَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهَا لِلْبُخَارِيِّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ نَحَّى قَدَمَيْهِ فَغَسَلَهُمَا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ صَرِيحَةٌ فِي تَأْخِيرِ الْقَدَمَيْنِ فَعَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ تُتَأَوَّلُ رِوَايَاتُ عَائِشَةَ وَأَكْثَرُ رِوَايَاتِ مَيْمُونَةَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِوُضُوءِ الصَّلَاةِ أَكْثَرُهُ وَهُوَ مَا سِوَى الرِّجْلَيْنِ كَمَا بَيَّنَتْهُ مَيْمُونَةُ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ صَرِيحَةٌ وَالْبَاقِي مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>