وُضُوءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَاغْتِسَالِهِمَا جَمِيعًا مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ وُضُوءِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِفَضْلِ الرَّجُلِ: وَأَمَّا فَضْلُ الْمَرْأَةِ فَيَجُوزُ عِنْدَنَا الْوُضُوءُ بِهِ أَيْضًا لِلرَّجُلِ سَوَاءٌ خَلَتْ بِهِ أَمْ لَا قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد لَا يَجُوزُ إذَا خَلَتْ به وروى هذا عن عبد الله ابن سَرْجِسَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ كَمَذْهَبِنَا وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ كَرَاهَةُ فَضْلِهَا مُطْلَقًا
* وَاحْتُجَّ لَهُمْ بِحَدِيثِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ الْحَكَمِ حَسَنٌ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْفَصْلِ الْمَاضِي أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهَا لِلْمَسْأَلَةِ وَإِذَا ثَبَتَ اغْتِسَالُهُمَا مَعًا فَكُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَعْمِلٌ فَضْلَ الْآخَرِ وَلَا تَأْثِيرَ لِلْخَلْوَةِ: وَأَمَّا حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو فَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا جَوَابُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَأَلْت الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَقَالَ لَيْسَ هُوَ بِصَحِيحٍ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَحَدِيثُ ابْنِ سَرْجِسَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَمَنْ رَفَعَهُ فَقَدْ أَخْطَأَ وَكَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَقْفُهُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ رَفْعِهِ وَرُوِيَ حَدِيثُ الْحَكَمِ أَيْضًا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ الْأَحَادِيثُ السَّابِقَةُ فِي الرُّخْصَةِ أَصَحُّ فَالْمَصِيرُ إلَيْهَا أَوْلَى: (الْجَوَابُ الثَّانِي) جَوَابُ الْخَطَّابِيِّ وَأَصْحَابِنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ فَضْلِ أَعْضَائِهَا وَهُوَ مَا سَالَ عَنْهَا وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ رِوَايَةَ دَاوُد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ عَنْ حَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ نَهَى أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ أَوْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَدَاوُد وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ وَضَعَّفَهُ يَحْيَى فِي رواية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute