بِهِ الْجُمْهُورُ وَأَطْبَقُوا عَلَى تَصْوِيرِ انْفِرَادِ الْجَنَابَةِ عَنْ الْحَدَثِ بِهِ وَفِيهِ وَجْهٌ لِلْقَاضِيَّ أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ جُنُبٌ مُحْدِثٌ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ: الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَلُفَّ عَلَى ذَكَرِهِ خِرْقَةً وَيُولِجَهُ فِي امْرَأَةٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ: الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يُولِجَ فِي فَرْجِ بَهِيمَةٍ أَوْ دُبُرِ رَجُلٍ فَيَكُونُ جُنُبًا وَلَا يَكُونُ مُحْدِثًا لِأَنَّهُ لَمْ يَمَسَّ فَرْجَ آدَمِيٍّ بِبَاطِنِ كَفِّهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَهَا أَبُو الْفَرَجِ الدَّارِمِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ غَيْرِهَا.
هَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ قَالَ الرافعى وألحلق بِهَا الْمَسْعُودِيُّ الْجِمَاعَ مُطْلَقًا وَقَالَ إنَّهُ يُوجِبُ الْجَنَابَةَ لَا غَيْرَ قَالَ وَاللَّمْسُ الَّذِي يَتَقَدَّمُهُ يَصِيرُ مَغْمُورًا بِهِ كَمَا أَنَّ خُرُوجَ الْخَارِجِ بِالْإِنْزَالِ
يَنْغَمِرُ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ وَإِنْ كَانَ يَتَضَمَّنُ اللَّمْسَ وَمُجَرَّدُ اللَّمْسِ يُوجِبُ شَاةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ يَحْصُلُ بِالْجِمَاعِ الْحَدَثَانِ وَلَا يَنْدَفِعُ أَثَرُ اللَّمْسِ بِخِلَافِ انْدِفَاعِ أَثَرِ خُرُوجِ الْخَارِجِ لِأَنَّ اللَّمْسَ يَسْبِقُ حَقِيقَةَ الْجِمَاعِ فَيَجِبُ تَرْتِيبُ حُكْمِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا تَمَّتْ حَقِيقَةُ الْجِمَاعِ وَجَبَ أَيْضًا حُكْمُهَا وَفِي الْإِنْزَالِ لَا يَسْبِقُ خُرُوجَ الْخَارِجِ الْإِنْزَالُ بَلْ إذَا أَنْزَلَ حَصَلَ خُرُوجُ الْخَارِجِ وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ مَعًا وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ أَعْظَمُ الْحَدَثَيْنِ فَيَدْفَعُ حُلُولُهُ حُلُولَ الْأَصْغَرِ مُقْتَرِنًا بِهِ: وَأَمَّا مَسْأَلَةُ المحرم فمنوعة عَلَى وَجْهٍ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَفِي الْفِدْيَةِ مَعْنَى الزَّجْرِ وَالْمُؤَاخَذَةِ وَسَبِيلُ الْجِنَايَاتِ انْدِرَاجُ الْمُقَدَّمَاتِ فِي المقاصد ولهذا لو انفردت مقدمات الزنا أوجبت تَعْزِيرًا فَإِذَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ التَّعْزِيرُ مَعَ الْحَدِّ وَأَمَّا هُنَا فَالْحُكْمُ مَنُوطٌ بِصُورَةِ اللَّمْسِ وَلِهَذَا اسْتَوَى عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يُحْدِثَ ثُمَّ يُجْنِبَ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَفِيهِ الْأَوْجُهُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يَكْفِيه إفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى الْبَدَنِ وَيُصَلِّي بِهِ بِلَا وُضُوءٍ: وَالثَّانِي يَجِبُ الْوُضُوءُ مُرَتَّبًا وَغَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ فَتَكُونُ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ مَغْسُولَةً مَرَّتَيْنِ وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الوضوء وله أن يؤخره إلى بعد فراغه من الغسل وله أن يوسطه فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ: وَالثَّالِثُ يَجِبُ الْوُضُوءُ مُرَتَّبًا وَغَسْلُ بَاقِي الْبَدَنِ وَلَا يَجِبُ إعَادَةُ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَهُ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ وَتَأْخِيرُهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ: وَالرَّابِعُ يَكْفِيه غَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِلَا وُضُوءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ والغسل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute