للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ وَالْقَفَّالُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ ابْنُ (١) الْقَفَّالِ الشَّاشِيِّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ مُنِعَ اسْتِعْمَالُهُ تَعَبُّدًا: قَالَ الْقَفَّالُ وَكَوْنُهُ مُسْتَعْمَلًا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ نَعْتٌ كَالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ وَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْإِطْلَاقِ مَا يُضَافُ إلَيْهِ كَمَاءِ الزَّعْفَرَانِ: وَسُمِّيَ الْمُطْلَقُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ الْمَاءُ انْصَرَفَ إلَيْهِ: وَأَمَّا قَوْلُهُ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ أَوْ نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ فَكَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْكُلَّ مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فسلكه ينابيع في الارض) والجواب من وجهين (أحداهما) الْمُرَادُ بِنَبَعَ مَا نُشَاهِدُهُ يَنْبُعُ وَلِهَذَا فَسَّرَهُ به فقال وما نبع مَاءُ الْبِحَارُ إلَى آخِرِهِ وَالثَّانِي لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّ كُلَّ الْمَاءِ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَعُمُّ وَيُقَالُ نَبَعَ يَنْبُعُ بِفَتْحِ الْبَاءِ فِي الْمُضَارِعِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا وَالْمَصْدَرُ نُبُوعٌ أَيْ خَرَجَ: وَذَوْبُ الثَّلْجِ ذَائِبُهُ وَهُوَ مَصْدَرٌ يُقَالُ ذَابَ ذَوْبًا وَذَوَبَانًا وَأَذَبْتُهُ وَذَوَّبْتُهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ذَوْبَ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ لِأَنَّ فِي اسْتِعْمَالِهِمَا عَلَى حَالِهِمَا تَفْصِيلًا سَنَذْكُرُهُ فِي فَرْعٍ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْآيَةِ لِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهُوَ جَوَازُ الطَّهَارَةِ بِمَاءِ السَّمَاءِ ظَاهِرٌ وَهَذَا الْحُكْمُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ: وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْغَالِطِينَ عَلَى الْفُقَهَاءِ بِاسْتِدْلَالِهِمْ بِهَا وَقَالَ مَاءٌ نَكِرَةٌ وَلَا عُمُومَ لَهَا فِي الْإِثْبَاتِ: وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا خَيَالٌ فَاسِدٌ وإنما ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا امْتِنَانًا عَلَيْنَا فَلَوْ لَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى الْعُمُومِ لَفَاتَ الْمَطْلُوبُ وَإِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْعُمُومِ بِالنَّكِرَةِ فِي الْإِثْبَاتِ أَفَادَتْهُ وَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ)

قَالَ أَصْحَابُنَا

إذَا اُسْتُعْمِلَ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ قَبْلَ إذَابَتِهِمَا فَإِنْ كَانَ يَسِيلُ عَلَى الْعُضْوِ لِشِدَّةِ حَرٍّ وَحَرَارَةِ الْجِسْمِ وَرَخَاوَةِ الثَّلْجِ صَحَّ الْوُضُوءُ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ لِحُصُولِ جَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُسْلًا حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَقْضَى الْقُضَاةِ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ صَاحِبُ الْحَاوِي وَأَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيُّ صَاحِبُ الِاسْتِذْكَارِ وَهُمَا مِنْ كِبَارِ أَئِمَّتِنَا الْعِرَاقِيِّينَ وَعَزَاهُ الدَّارِمِيُّ إلَى أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ: وَإِنْ كَانَ لَا يَسِيلُ لَمْ يَصِحَّ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ وَيَصِحُّ مَسْحُ الْمَمْسُوحِ وَهُوَ الرَّأْسُ وَالْخُفُّ وَالْجَبِيرَةُ هَذَا مَذْهَبُنَا وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ جَوَازَ الْوُضُوءِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ ويجزيه في المغسول والممسوح


(١) قوله ابن القفال هذا هو الصحيح وقيل صاحب التقريب والده القفال الكبير حكاه في التهذيب اه اذرعي

<<  <  ج: ص:  >  >>