(فَرْعٌ)
لَوْ وَهَبَ الْمَاءَ الصَّالِحَ لِطَهَارَتِهِ فِي الْوَقْتِ لِغَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِعَطَشٍ وَنَحْوِهِ أَوْ بَاعَهُ لِغَيْرِ حَاجَتِهِ إلَى ثَمَنِهِ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ فِي الطَّرِيقَتَيْنِ حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ وَجَمَاعَاتٌ مِنْ
الْعِرَاقِيِّينَ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَصَحُّهُمَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الْهِبَةُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ حَرَامٌ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا فَهُوَ كَالْعَاجِزِ حِسًّا وَبِهَذَا قَطَعَ الْمَحَامِلِيُّ وَالصَّيْدَلَانِيّ وَالثَّانِي يَصِحَّانِ قَالَ الْإِمَامُ وَهُوَ الْأَقْيَسُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْمَنْعُ لَا يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى فِي الْعَقْدِ واختار الشاشى هذا وقال الاول ليس بشئ لِأَنَّ تَوَجُّهَ الْفَرْضِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ كَمَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ فِي كَفَّارَةٍ فَأَعْتَقَهَا لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ أَوْ وَهَبَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَكَمَا لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَطُولِبَ بِهَا فَوَهَبَ مَالَهُ وَسَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَالْأَظْهَرُ مَا قَدَّمْنَا تَصْحِيحَهُ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ يُشْبِهَانِ مَا لَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِلْوَالِي شَيْئًا تَطَوُّعًا عَلَى طَرِيقِ الرِّشْوَةِ هَلْ يَمْلِكُهُ: مِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ الْمِلْكَ لِلْمَعْصِيَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَمْنَعْ وَقَالَ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا فَحُكْمُ الْإِعَادَةِ مَا سَبَقَ فِي الْإِرَاقَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَا إعَادَةَ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ مَا دَامَ الْمَاءُ بَاقِيًا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهُ إنْ قَدَرَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِيهِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ وَشَذَّ الدَّارِمِيُّ فَحَكَى فِي الْإِعَادَةِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِرَاقَةِ سفها وليس بشى لِأَنَّ الْمَاءَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَلَيْسَ كَالْمَغْصُوبِ لِأَنَّ هَذَا مُقَصِّرٌ بِتَسْلِيمِهِ فَإِنْ تَلِفَ فِي يد المشترى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute