للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خُصَّ مِنْهُ الْمُتَغَيِّرُ بِنَجَاسَةٍ فَإِنَّهُ نَجِسٌ لِلْإِجْمَاعِ وَخُصَّ مِنْهُ أَيْضًا مَا دُونَ قُلَّتَيْنِ إذَا لَاقَتْهُ نَجَاسَةٌ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَالْمُرَادُ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الَّذِي لم تغيره نجاسة لا ينجسه شئ وَهَذِهِ كَانَتْ صِفَةُ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فرع)

قوله ماء الابآر هو بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ آبَارٌ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَلَا هَمْزَةَ بَعْدَهَا وَهُوَ جَمْعُ بِئْرٍ جَمْعَ قِلَّةٍ وَيُجْمَعُ أَيْضًا فِي الْقِلَّةِ أَبْؤُرٌ بِإِسْكَانِ الْبَاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ وَفِي الْكَثْرَةِ بِئَارٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَالْبِئْرُ مُؤَنَّثَةٌ مَهْمُوزَةٌ يَجُوزُ تَخْفِيفُهَا بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ يَاءً (فَرْعٌ)

قَالَ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَكُلُّ مَاءٍ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ سَمَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ أَوْ بَرَدٍ مُسَخَّنٍ وَغَيْرِ مُسَخَّنٍ فَسَوَاءٌ وَالتَّطَهُّرُ بِهِ جَائِزٌ: وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ وَقَالُوا مَالِحٌ خَطَأٌ وَصَوَابُهُ مِلْحٌ قال الله تعالى (وهذا ملح أجاج) .

وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ جَهَالَةٌ مِنْ قَائِلِهِ بَلْ فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ مَاءٌ مِلْحٌ وَمَالِحٌ وَمَلِيحٌ وَمُلَاحٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ حَكَاهُنَّ الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ جَمَعْتُ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ وَأَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ فِيهِ وَإِنْشَادِ الْعَرَبِ فِيهِ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ.

فَمِنْ الْأَبْيَاتِ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَلَوْ تَفَلَتْ فِي البحر والبحر مالح

* لا صبح مَاءُ الْبَحْرِ مِنْ رِيقِهَا عَذْبًا

وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ

* تَلَوَّنْتَ أَلْوَانًا عَلَيَّ كَثِيرَةً

* وَخَالَطَ عَذْبًا مِنْ إخَائِكِ مَالِحٌ فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَعْتَقِدُهُ: وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا جَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَيْسَتْ لِلشَّافِعِيِّ بَلْ لِلْمُزَنِيِّ وَعِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَذْبٌ أو أحاج: وَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ جِدًّا لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُزَنِيَّ ثِقَةٌ وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ ذَكَرَ فِي الْأُمِّ عِبَارَةً أَنْ لَا يَذْكُرَ غَيْرَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا أَنْ لَا يَسْمَعَهَا الْمُزَنِيّ شِفَاهًا وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ يَتَضَمَّنُ تَغْلِيطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>