للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطِّبِّ لِكَرَاهَةِ عُمَرَ لِذَلِكَ وَقَوْلِهِ إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي مُخَالَفَةِ نَصِّهِ فِي الام بل يمكن جمله عَلَيْهِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ لَا أَكْرَهُهُ إلَّا مِنْ جهة الطلب إنْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّهُ يُورِثُ الْبَرَصَ.

فَهَذَا مَا نَعْتَقِدُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَمَا هُوَ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ: وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَدَاوُد وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَأَمَّا الْأَصْحَابُ فَمَجْمُوعُ مَا ذَكَرُوا فِيهِ سَبْعَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا كَمَا سَبَقَ: وَالثَّانِي يُكْرَهُ فِي كُلِّ الْأَوَانِي وَالْبِلَادِ بِشَرْطِ الْقَصْدِ إلَى تَشْمِيسِهِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَزَعَمَ صَاحِبُ الْبَيَانِ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ (١) وَالْقَاضِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْبَنْدَنِيجِيُّ مِنْ كِبَارِ الْعِرَاقِيِّينَ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعِ.

وَالثَّالِثُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَاوِي قَالَ وَمَنْ اعْتَبَرَ الْقَصْدَ فَقَدْ غَلِطَ.

وَالرَّابِعُ يُكْرَهُ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ فِي الْأَوَانِي الْمُنْطَبِعَةِ وَهِيَ الْمُطْرَقَةُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ وَلَا تَغْطِيَةُ رَأْسِ الْإِنَاءِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَغَلَّطَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْعِرَاقِيِّينَ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْمُنْطَبِعَةِ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا جَمِيعُ مَا يُطْرَقُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ: وَالثَّانِي أَنَّهَا النُّحَاسُ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ الصيدلاني: والثلث كُلُّ مَا يُطْرَقُ إلَّا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لِصَفَائِهِمَا وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ.

وَالْخَامِسُ يُكْرَهُ فِي الْمُنْطَبِعَةِ بِشَرْطِ تَغْطِيَةِ رَأْسِ الْإِنَاءِ حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ: وَالسَّادِسُ إنْ قَالَ طَبِيبَانِ يُورِثُ الْبَرَصَ كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفُوهُ وَزَعَمُوا أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ وَلَمْ يُقَيَّدْ بِسُؤَالِ الْأَطِبَّاءِ.

وَهَذَا التَّضْعِيفُ غَلَطٌ بَلْ هَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يُجْزَمْ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِنَصِّهِ فِي الْأُمِّ لَكِنَّ اشترط طبيبين ضعيف بل يكفى واحد


(١) كلامه في التنبيه محمول محمول على ما تأوله ابن يونس وهو انه انما ذكر قصد التشميس ليحترز به عن المتشمس في البرك والانهار اه من هامش نسخة الاذرعي

<<  <  ج: ص:  >  >>