وَحَكَى الْمُتَوَلِّي وَالرَّافِعِيُّ قَوْلًا قَدِيمًا شَاذًّا أَنَّ الْكَفَّارَةَ الْوَاجِبَةَ عِتْقُ رَقَبَةٍ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ روي ذلك
من عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهَذَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إنْ صَحَّ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قلت به قال فكان أبو حامد الاسفراينى وَجُمْهُورُ الْبَغْدَادِيِّينَ يَجْعَلُونَهُ قَوْلًا قَدِيمًا وَكَانَ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ وَجُمْهُورُ الْبَصْرِيِّينَ لَا يَجْعَلُونَهُ قَوْلًا قَدِيمًا وَلَا يَحْكُونَهُ مَذْهَبًا لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَصِحَّ وَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَقُولُ لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَكَانَ مَحْمُولًا فِي الْقَدِيمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ هَذَا كَلَامُ صَاحِبِ الْحَاوِي وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ وَهُوَ بَعِيدٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْمَذْهَبِ بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ قُلْت وَاتَّفَقَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَاضْطِرَابِهِ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا وَرُوِيَ مُرْسَلًا وَأَلْوَانًا كَثِيرَةً وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَلَا يَجْعَلُهُ ذَلِكَ صَحِيحًا وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ وَقَالَ هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْحَاكِمُ خِلَافُ قَوْلِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْحَاكِمُ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ بِالتَّسَاهُلِ فِي التَّصْحِيحِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَقَدْ جَمَعَ الْبَيْهَقِيُّ طُرُقَهُ وَبَيَّنَ ضَعْفَهَا بَيَانًا شَافِيًا وَهُوَ إمَامٌ حَافِظٌ مُتَّفَقٌ عَلَى إتْقَانِهِ وَتَحْقِيقِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يلزمه شئ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَمَنْ أَوْجَبَ دِينَارًا أَوْ نِصْفَهُ فَهُوَ عَلَى الزَّوْجِ خَاصَّةً وَهُوَ مِثْقَالُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ وَطِئَهَا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ وَالْعِلْمِ بِالْحَيْضِ وَالِاخْتِيَارِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ وطئ محرم للاذى احترازا من الوطئ فِي الْإِحْرَامِ وَنَهَارِ رَمَضَانَ (فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ العلماء فيمن وطي فِي الْحَيْضِ عَامِدًا عَالِمًا - قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ الْمَشْهُورَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ وَحَكَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute