للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمَاهِيرُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى

وَأَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ أَنَّهُ يَجُوزُ رَفْعُ الْحَدَثِ وَإِزَالَةُ النَّجَسِ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَّا الدَّمْعَ فَإِنَّ الْأَصَمَّ يُوَافِقُ عَلَى مَنْعِ الْوُضُوءِ بِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ عَلَى شَرْطٍ سَأَذْكُرُهُ فِي فَرْعٍ مُسْتَقِلٍّ وَأَذْكُرُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ فِي فَرْعٍ آخَرَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاحْتُجَّ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى بِأَنَّهُ مَائِعٌ طَاهِرٌ فَأَشْبَهَ الْمَاءَ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَعْدَمُونَ الْمَاءَ فِي أَسْفَارِهِمْ وَمَعَهُمْ الدُّهْنُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَمَا نُقِلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ مَاءٍ وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَاءِ فَإِنَّ الْمَاءَ جَمَعَ اللَّطَافَةَ وَعَدَمَ التَّرْكِيبِ مِنْ أَجْزَاءٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُهُ: وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ طَهَارَةُ الْحَدَثِ مَخْصُوصَةٌ بالماء بالاجماع فمحصول عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي ليلى ان صح عنه وأما الاصل لا يعتد بخلاء: وقد أضحت حَالَ الْأَصَمِّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَشْرَافِ وَكِتَابِ الْإِجْمَاعِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِمَاءِ الْوَرْدِ وَالشَّجَرِ وَالْعُصْفُرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ وَهَذَا يُوَافِقُ نَقْلَ الْغَزَالِيِّ (فَرْعٌ)

أَمَّا النَّبِيذُ فَلَا يَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ عِنْدَنَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنْ عَسَلٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ غَيْرِهَا مَطْبُوخًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ نَشَّ وَأَسْكَرَ فَهُوَ نَجَسٌ يَحْرُمُ شُرْبُهُ وَعَلَى شَارِبِهِ الْحَدُّ وَإِنْ لَمْ يَنِشَّ فَطَاهِرٌ لَا يَحْرُمُ شُرْبُهُ وَلَكِنْ لَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ هَذَا تَفْصِيلُ مَذْهَبِنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ والجمهور وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ إحْدَاهُنَّ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ الْمَطْبُوخِ إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَعُدِمَ الْمَاءُ: وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ وَبِهِ قَالَ صَاحِبُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحسن: والثالثة يستحب الجمع بينهما: والرابعة أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ جَوَازِ الْوُضُوءِ بِهِ وَقَالَ يَتَيَمَّمُ وَهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ كَذَا قَالَهُ الْعَبْدَرِيُّ قَالَ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ الْوُضُوءُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ مَنْسُوخٌ وَحُكِيَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ الْوُضُوءُ بِكُلِّ نَبِيذٍ وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الْوُضُوءَ بِالنَّبِيذِ: وَاحْتُجَّ لِمَنْ جَوَّزَ بِرِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي فَزَارَةَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ هَلْ فِي إدَاوَتِكَ مَاءٌ قَالَ لَا إلَّا نَبِيذُ تَمْرٍ قَالَ ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ وَتَوَضَّأَ بِهِ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمْ: وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفْعُهُ النَّبِيذُ وُضُوءُ مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ: وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا مَوْقُوفَاتٌ وَاحْتَجَّ اصحابنا بالآية فلم تجدوا ماء فتيمموا وَقَدْ سَبَقَ وَجْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>