هكذا كان في ابتداء الاسلام ثم صار كثير من الناس يتفرغون لكتابة المصاحف لعدم وجود المطابع في ذلك الزمن فكان يكتب بعضهم مائة مصحف وبعضهم مائتين وبعضهم أقل أو اكثر، ولئن كانت المطابع غير موجودة في زمنهم فقد كانت قلوبهم عامرة بالتقوى ممتلئة ايمانا ويقينا وكانوا اكثر تلاوة للقرآن واشد تمسكا بأحكامه واكثر رغبة وتنافسا في نسخه وكتابته واهدائه لبعضهم وجعله في المساجد ودور العلم والتدريس رجاء الاجر والثواب.
ذكر ابن خلكان عند ترجمة اسحاق بن مرامر الشيباني النحوي اللغوى قال ولده عمرو لما رجع (١) أبى اشعار العرب ودونها كانت نيفا وثمانين قبيلة وكان كلما عمل منها قبيلة واخرجها إلى الناس كتب مصحفا وجعله بمسجد الكوفة حتى كتب نيفا وثمانين مصحفا بخطه اه فكم مثل اسحق من كتب عدة مصاحف يقصد بها وجه الله تعالى ونفع المسلمين ولقد ذكرنا في كتابنا تاريخ الخط العربي وآدابه طائفة ممن كتبوا القرآن الكريم عدة مرات فراجعه هناك ولم نذكرهم هنا حتى لا نخرج عن الموضوع.
فقارن رحمك الله بين ايامنا وايامهم ورجالنا ورجالهم فلا حول
(١) قال في المصباح المنير ورجعت الكلام وغيره أي رددته وبها جاء القرآن قال تعالى (فان رجعك الله) ..اه المراد منه (*)