ابن الصباغ، وصححه العراقيون، واختاره ابن أبي عصرون في "المرشد"- فهل لإمام الوقت أن يقول: لا أعقد لكم الذمة إلا بشرط ألا تدخلوا الكنائس والبيع والديورة في العقد، فتكون كالأموال التي جهل مستحقوها وأيس من معرفتها، أم لا يجوز له الامتناع من إدخالها في عقد الذمة، بل يجب عليه إدخالها في عقد الذمة؟ فهل ذلك يختص بالبيع والكنائس والديورة التي تحقق أنها كانت موجودة عند فتح المسلمين، ولا يجب عليه ذلك عند التردد في أن ذلك كان موجوداً عند الفتح، أو حدث بعد الفتح، أو يجب عليه مطلقاً فيما تحقق أنه كان موجوداً قبل الفتح أو شك فيه؟ وإذا لم يجب في حالة الشك، فهل يكون ما وقع الشك في أنه كان قبل الفتح، وجهل الحال فيمن أحدثه لمن هو؟ لبيت المال أم لا؟ وإذا قلنا: إن من بلغ من أولاد من عقدت معهم الذمة -وإن سلفوا- ومن غيرهم لا يحتاجون أن تعقد لهم الذمة، بل يجري عليهم حكم من سلف إذا تحقق أنه من أولادهم، يكون حكم كنائسهم وبيعهم حكم أنفسهم، أم يحتاج إلى تجديد عقد وذمة؟ وإذا قلنا: إنهم يحتاجون إلى تجديد عقد عند البلوغ، فهل تحتاج [كنائسهم] وبيعهم إليه أم لا؟
فأجاب: "الحمد لله، ما فتحه المسلمون كأرض خيبر التي فتحت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكعامة أرض الشام، وبعض مدنها، وكسواد العراق -إلا مواضع قليلة فتحت صلحاً- وكأرض مصر، فإن هذه الأقاليم فتحت عنوة على خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقد روي في أرض مصر أنها فتحت صلحاً، وروي أنها فتحت عنوة، وكلا الأمرين صحيح -على ما ذكره العلماء المتأهلون للروايات الصحيحة في هذا الباب- فإنها فتحت أولا صلحاً، ثم نقض أهلها العهد، فبعث عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستمده، فأمده بجيش كثير فيهم الزبير بن العوام، ففتحها المسلمون الفتح الثاني عنوة.